كذلك وقد ثبت خروج النبي " ص " من المدينة لزيارة قبور الشهداء فإذا جاز الخروج للقريب جاز للبعيد وقبره " ص " أولى وقد انعقد الاجماع على ذلك لإطباق السلف والخلف عليه وأما حديث لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد فمعناه لا تشدوا الرحال إلى مسجد إلا إلى المساجد الثلاثة إذ شد الرحال إلى عرفة لقضاء النسك واجب بالإجماع وكذلك سفر الجهاد والهجرة من دار الكفر بشرطه وغير ذلك وأجمعوا على جواز شد الرحال للتجارة ومصالح الدنيا وقد روى ابن شبة بسند حسن أن أبا سعيد يعني الخدري ذكر عنده الصلاة في الطور فقال قال رسول الله " ص " لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى فهذا الحديث صريح فيما ذكرناه على أن في شد الرحال لما سوى هذه المساجد الثلاثة مذاهب نقل إمام الحرمين عن شيخه أنه أفتى بالمنع قال وربما كان يقول يكره وربما كان يقول يحرم وقال الشيخ أبو علي لا يكره ولا يحرم " إلى أن قال " وقال الماوردي من أصحابنا (يعني الشافعية) عند ذكر من يلي أمر الحج فإذا قضى الناس حجهم سار بهم على طريق مدينة رسول الله " ص " رعاية لحرمته وقياما بحقوق طاعته وذلك وإن لم يكن من فروض الحج فهو من مندوبات الشرع المستحبة وعبادات الحجيج المستحسنة وقال القاضي الحسين إذا فرغ من الحج فالسنة أن يأتي المدينة ويزور قبر النبي (ص) وقال القاضي أبو الطيب ويستحب أن يزور النبي (ص) بعد أن يحج ويعتمر وقال المحاملي في التجريد ويستحب للحاج إذا فرغ من مكة أن يزور قبر النبي (ص) وقال أبو حنيفة إذا قضى الحاج نسكه مر بالمدينة (إلى أن قال) وفي كتاب تهذيب المطالب لعبد الحق سئل الشيخ أبو محمد بن أبي زيد في رجل استؤجر بمال ليحج به وشرطوا عليه الزيارة فلم يستطيع أن يزور قال يرد من الأجرة بقدر مسافة الزيارة وقال في موضع آخر (1) وممن سافر إلى زيارة النبي " ص " من الشام إلى قبره (ع) بالمدينة بلال ابن رباح مؤذن رسول الله " ص " كما رواه ابن عساكر بسند جيد عن أبي الدرداء قال لما رحل عمر بن الخطاب من فتح بيت المقدس فصار إلى جابية سأله بلال أن يقره بالشام ففعل قال ثم إن بلالا رأى في منامه النبي (ص) وهو يقول ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني
(٣٧٧)