مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى " ورواه " النسائي في سننه مثله إلا أنه قدم المسجد الحرام " ورواه " أبو داود في الحج " وفي رواية لمسلم " تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد وفي رواية له إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد مسجد الكعبة ومسجدي ومسجد إيليا.
" والجواب " عن هذه الأخبار أن الحصر فيها إضافي لا حقيقي أي لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد إلا إلى هذه الثلاثة لأن هذا الاستثناء مفرغ قد حذف فيه المستثنى منه وكما يمكن تقديره لا تشد الرحال إلى مكان يمكن تقديره إلى مسجد لكن الثاني هو المتعين لأن ذلك هو المفهوم عرفا من أمثال هذه العبارة وللاتفاق على جواز السفر وشد الرحال إلى أي مكان كان للتجارة وطلب العلم والجهاد وزيارة العلماء والصلحاء والتداوي والنزهة والولاية والقضاء وغير ذلك مما لا يحصى ولو قيل إن هذا خصص بالدليل للزم تخصيص الأكثر وهو غير جائز كما تقرر في الأصول. " والحاصل " أنه لا يشك من عنده أدنى معرفة في أن المراد بقوله لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد أو إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد أنه لا يسافر إلى غيرها من المساجد لا أنه لا يسافر إلى مكان مطلقا على أنه لا يفهم من هذه الأحاديث حرمة السفر إلى باقي المساجد بل هي ظاهرة في أفضلية هذه المساجد على ما عداها بحيث بلغ من فضلها أن تستحق شد الرحال والسفر إليها للصلاة فيها فإنها لا تشد الرحال وتركب الأسفار وتتحمل المشاق إلا للأمور المهمة لا أن من سافر للصلاة في مسجد طلبا لإحراز فضيلة الصلاة فيه يكون عاصيا وآثما وكيف يكون آثما من يسافر إلى ما هو طاعة وعبادة فالمسجد ببعده لم يخرج عن المسجدية والصلاة فيه لم تخرج عن كونها طاعة وعبادة إذ هو مسجد لكل أحد فكيف يعقل أن يكون السفر للصلاة فيه إثما ومعصية فالسفر للطاعة لا يكون إلا طاعة كما أن السفر للمعصية لا يكون إلا معصية وكيف تكون مقدمة المستحب محرمة ويدل على ذلك أن النبي " ص " والصحابة كانوا يذهبون كل سبت إلى مسجد قبا وبينه وبين المدينة ثلاثة أميال أو ميلان ركبانا ومشاة لقصد الصلاة فيه ولا فرق في السفر بين الطويل والقصير لعموم النهي لو كان. روى البخاري في صحيحه (1) أن النبي (ص) كان يأتي مسجد قبا كل سبت ماشيا وراكبا