الأعمال وأجل القرب الموصلة إلى ذي الجلال وإن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع قال فشد الرحال للزيارة أو نحوها كطلب علم ليس إلى المكان بل إلى من فيه وقد التبس ذلك على بعضهم كما قاله المحقق التقي السبكي فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة في غير الثلاثة داخل في المنع وهو خطأ كما مر لأن المستثنى إنما يكون من جنس المستثنى منه كما إذا قلت ما رأيت إلا زيدا أي ما رأيت رجلا واحدا إلا زيدا لا ما رأيت شيئا أو حيوانا إلا زيدا " انتهى " وقال القسطلاني في موضع آخر (1) الاستثناء مفرغ والتقدير لا تشد الرحال إلى موضع ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها كزيارة صالح أو قريب أو صاحب أو طلب علم أو تجارة أو نزهة لأن المستثنى منه في المفرغ يقدر بأعم العام لكن المراد بالعموم هنا الموضع المخصوص وهو المسجد " انتهى " " وقال النووي " في شرح صحيح مسلم في شرح قوله لا تشد الرحال الخ (2) فيه بيان عظيم فضيلة هذه المساجد الثلاثة ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ولفضل الصلاة فيها " إلى أن قال " واختلف العلماء في شد الرحال واعمال المطي إلى غير المساجد الثلاثة كالذهاب إلى قبور الصالحين وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا هو حرام وهو الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم ولا يكره قالوا والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة وقال في موضع آخر (3) في هذا الحديث فضيلة هذه المساجد الثلاثة وفضيلة شد الرحال إليها لأن معناه عند جمهور العلماء لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيرها وقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا يحرم شد الرحال إلى غيرها وهو غلط " انتهى " " وقال السندي " في حاشية سنن النسائي إن السفر للعلم وزيارة العلماء والصلحاء وللتجارة غير داخل في حيز المنع " انتهى " وقال السمهودي في وفاء الوفا (4) ويستدل بقوله تعالى ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم " الآية " على مشروعية السفر للزيارة بشموله المجئ من قرب ومن بعد وبعموم من زار قبري وقوله في الحديث الذي صححه ابن السكن من جاءني زائرا. وإذا ثبت أن الزيارة قربة فالسفر إليها
(٣٧٦)