وتضليلهم (ثانيا) إنها محمولة على الكراهة في صورة لا يكون للكتابة فائدة أما مع الفائدة ليعرف فيتعاهد بالزيارة والاستغفار وإهداء ثواب القراءة وغير ذلك فلا وقرينة الكراهة جمعها مع غيرها مما ثبتت كراهته كما مر في الفصل التاسع ويمكن حمل الكتابة على كتابة الآيات القرآنية وأسماء الله تعالى خوفا عليها من الإهانة (ثالثا) إنه لم يعمل بها أحد من المسلمين وعملهم مخالف لها وما هذا حاله من الأخبار لا حجة فيه باعتراف الوهابية لاشتراطهم في حجية الخبر عدم الشذوذ والعلة كما مر في الفصل التاسع وكفى بما ذكر شذوذا وعلة " قال " محمد بن عبد الهادي المعروف بالسندي في حاشية سنن النسائي (1) عند قوله أو يكتب عليه، قال الحاكم بعد تخريج هذا الحديث في المستدرك الإسناد صحيح وليس العمل عليه فإن أئمة المسلمين من الشرق والغرب يكتبون على قبورهم وهو شئ أخذه الخلف عن السلف وتعقبه الذهبي في مختصره بأنه محدث ولم يبلغهم النهي " انتهى " وهذا الاعتذار الذي ذكره الذهبي ليس بصحيح إذ من أين لنا العلم بأنه لم يكن في الزمن الأول مع أنه يكفي اتفاقهم عليه في عصر من الأعصار لأنه يصير بذلك إجماعا فكيف باتفاقهم أعصارا وقرونا متعددة. وقوله لم يبلغهم النهي مقطوع بفساده فهذا النهي كان معلوما عند العلماء ولولاهم لم يصل إلينا (ويدل) على استمرار السيرة على الكتابة على القبور من عهد بعيد ما في وفاء الوفا عن المسعودي في مروج الذهب أن أبا عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين توفي سنة ثمان وأربعين ومائة ودفن بالبقيع مع أبيه وجده قال وعلى قبورهم في هذا الموضع من البقيع رخامة عليها مكتوب (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله مبيد الأمم ومحيي الرمم هذا قبر فاطمة بنت رسول الله (ص) سيدة نساء العالمين وقبر الحسن بن علي وعلي بن الحسين بن علي وقبر محمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلام) " انتهى " وذكر ما يقتضي أنه حين ذكر هذا كان في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة " وفيه " عن ابن شبة عن زيد بن السائب عن جده قال لما حفر عقيل بن أبي طالب في داره بئرا وقع على حجر منقوش مكتوب فيه هذا قبر أم حبيبة بنت صخر بن حرب فدفن عقيل البئر وبنى عليه بيتا قال ابن السائب فدخلت ذلك البيت فرأيت فيه ذلك القبر (ثم قال السمهودي) روى ابن شبة عن محمد بن يحيى قال سمعت من يذكر
(٣٢٦)