فتاواهم ويكفرون بها المسلمين ويستحلون دماءهم وأموالهم وأعراضهم ويدعون أنهم هم الموحدون وغيرهم المشركون فتأملوا ذلك أيها المنصفون (ثانيا) باضطراب المتن مع وحدة السند في الكل الدال على أنها رواية واحدة فهو على رواية النسائي زائرات القبور بصيغة اسم فاعل والمتخذين عليها المساجد والسرج وعلى رواية ابن ماجة زوارات القبور بصيغة المبالغة وبدون تلك الزيادة وأي اضطراب في المتن أعظم من ذلك (ثالثا) بعدم الدلالة على ما توهموه من عدم جواز الصلاة عند القبور وفي مشاهدها وبناء مسجد عليها إذ الظاهر أنه إشارة إلى ما في رواية كنيسة الحبشة من قوله إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصورة أولئك شر الخلق عند الله فاللام في قوله والمتخذين عليها المساجد للعهد ولما كان سبب الذم في رواية كنيسة الحبشة هو اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد بتلك الحالة وهي تصويرهم الصورة وعبادتها والصلاة والسجود إليها أو إليها وإلى القبر كما يصلى إلى الوثن ويسجد له على ما هو الظاهر من تلك الرواية كان سببه في رواية والمتخذين عليها المساجد هو هذا وكما تكون رواية كنيسة الحبشة مفسرة للروايات التي أطلق فيها لعن اليهود وغيرهم على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد تكون مفسرة لهذه الرواية إذ الروايات يفسر بعضها بعضا ويرشد إلى ذلك قوله في رواية مسلم المتقدمة أن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد إلا فلا تتخذوا القبور مساجد الخ فعقب النهي عن اتخاذها مساجد لما حكاه عمن كان قبلهم فدل بأجلى دلالة على أن المنهي عنه من اتخاذها مساجد هو ما كان من هذا السنخ ويرشد إليه أيضا ما في رواية الموطأ من تعقيبه ذم من اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لقوله اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد الدال على أن المراد من اتخاذها مساجد الصلاة إليها والسجود لها كما يصلي إلى الأوثان ويسجد لها ويدل عليه قوله في رواية البخاري ومسلم ولولا ذلك لأبرزوا قبره غير أني أخشى أو غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا لظهوره في أن معنى اتخاذه مسجدا السجود إليه لا اتخاذ المسجد حوله وبذلك يظهر عدم صحة الاستدلال على ما زعموه برواية كنيسة الحبشة ولا بالروايات الأخر إذ الظاهر أن المراد في الجميع واحد وهو النهي عما كان يفعله السابقون من الصلاة إلى قبور الأنبياء والصلحاء وصورها الموضوعة في قبلة المصلي والسجود لها كما يصلي إلى الوثن ويسجد له وهذا لا يفعله أحد من المسلمين ولا يجيزه أما الصلاة لله تعالى عند قبر أو
(٣٣١)