العقد الذي عليه القبة في تلك الناحية وزادوا دعامتين وعقدا إلى جانب الأسطوانتين اللتين في جهة الوجه الشريف خشية من سقوط القبة وأبدلوا بعض الأساطين بدعائهم وأضافوا إلى بعضها أسطوانة أخرى وعقدوا العقود المتصلة بهذه القبة من المشرق والشام وجعلوها قبوا بدل السقف وأعادوا ترخيم الحجرة الشريفة وما حولها وأزالوا البناء الذي عمله أهل المدينة في موضع المقصورة المستديرة بالحجرة الشريفة وأبدلوا ما يلي القبلة من ذلك بشبابيك من النحاس وبأعلاها شبكة من شريط النحاس كهيئة الزرد وجعلوا لبقيتها مما يلي الشام مشبكا مشاجرا من الحديد وفاصلا عن يمين المثلث الحجرة ويساره فيه بابان وكمل تعمير المسجد في أواخر شهر رمضان عام 888 ثم إن القبة تشققت من أعاليها فرممت ثم تشققت ولم يفد فيها الترميم فأرسل الملك الأشرف - الشجاعي شاهين الجمالي لما اشتمل عليه من الفضل والنبل وإصابة الرأي وفوض إليه النظر في أمرها فورد المدينة الشريفة في موسم عام 891 فاقتضى الحال هدم أعالي القبة فاتخذوا في الطاقات المحيطة بجوانبها سقفا يمنع من سقوط ما يهدم منها إلى أرض الحجرة الشريفة ثم شرع في هدمها وإعادتها بحيث لم يرفع كسوة الحجرة الشريفة فجاءت القبة حسنة مع الاتقان حتى أنه استصحب الجبس من مصر واستعمله في البناء وكملت في عام 892 ثم حكى عن ابن النجار أنه قال ولم يزل الخلفاء من بني العباس ينفذون الأمراء على المدينة الشريفة ويمدونهم بالأموال لتجديد ما ينهدم من المسجد النبوي (ولا شك أن الحجرة الشريفة وقبتها من جملة ذلك) فلم يزل ذلك متصلا إلى أيام الناصر لدين الله أي الخليفة في زمنه فإنه ينفذ في كل سنة من الذهب العين الأمامي ألف دينار لعمارة المسجد وينفذ من الصناع عدة لكون مادتهم مما يأخذونه من الديوان ببغداد من غير هذه الألف وينفذ من الحديد والرصاص والآلات شيئا كثيرا (قال) ولما انتقل أمر المدينة الشريفة إلى ملوك مصر لم يزل ملوكها يهتمون بعمارة هذا المسجد الشريف " انتهى ما اقتطفناه من كلام السمهودي في وفاء الوفا الذي كان عمل القبة البيضاء بدل الزرقاء في عصره " ولم يزل ملوك بني عثمان الذين كانت إليهم الخلافة الإسلامية يبعثون بالأموال الكثيرة لعمارة قبر النبي (ص) وحجرته وقبته ومسجده وقد جدد عمارة المسجد والقبة الشريفة النبوية بالبناء المحكم الموجود اليوم منهم السلطان عبد المجيد وابتدأ بذلك سنة 1270 واستمر في تعميره نحو
(٣٢٣)