الرئيسية وقبة الحجرة النبوية فثقبته ثقبا كالترس وعلقت النار فيه وفي السقف الأسفل ونودي بالحريق في المسجد فاجتمع أمير المدينة الشريف زين الدين فيصل الجمازي وأهلها وصعد أهل النجدة بالمياه لإطفائها فعجزوا عن ذلك فحاولوا قطعها بهدم بعض ما أمامها فسبقتهم ومات بسبب ذلك بضعة عشر نفسا واحترقت المنارة الرئيسية واحترقت ثياب الرئيس بعد موته وصار المسجد كالتنور واستولى الحريق على جميع سقفه وحواصله وما فيه من خزائن الكتب إلا اليسير الذي أمكنهم إخراجه ولما اشتعلت النار في السقف المحاذي للحجرة الشريفة ذاب الرصاص من القبة التي بسقف المسجد الأعلى واحترقت أخشابها وما يحاذيها من السقف الأسفل والشباك الدائر على حائز عمر بن عبد العزيز وسقط ما سقط من ذلك على القبة السفلى فلما أصبحوا بدؤا بإطفاء ما سقط على القبة المذكورة فسلمت وسقط من المسجد مائة وبضع وعشرون أسطوانا وما بقي أثرت فيه النار وسلمت الأساطين اللاصقة بجدار الحجرة واحترقت المقصورة التي كانت حول الحجرة الشريفة والمنبر وغير ذلك وكتبوا إلى سلطان مصر الملك الأشرف قاتباي بذلك ونظفوا ما حول الحجرة الشريفة وأداروا عليها جدارا من الآجر في موضع المقصورة المحترقة وجعلوا فيها شبابيك وطاقات وأبوابا (ولما) وصل الرسول إلى مصر وعلم سلطانها بذلك عظم عليه وأمر بتنظيف المسجد واهتم في أمر العمارة وأمر بإبطال عمائره المكية وبتوجه القيم عليها الأمير سنقر الجمالي صحبة الحاج الأول بما يزيد عن مائة صانع مع كثير من الدواب والجمال وصحبته وصحبة أخيه الشجاعي شاهين والأمير قاسم الفقيه شيخ الحرم الشريف عشرون ألف دينار وشرع السلطان في تجهيز الآلات والمؤن حتى كثرت في الطور وينبع والمدينة الشريفة وجهز شمس الدين بن الزمن متولي العمارة الأولى في ربيع الأول سنة 887 ومعه أكثر من مائتي جمل ومائة دابة وأزيد من ثلاثمائة صانع وشرعوا في الهدم والتعمير فعمروا المسجد وجعلوا على ما يحاذي الحجرة الشريفة وما حوله قبة عظيمة على دعائم بأرض المسجد وعقود من الآجر وهي (القبة البيضاء) بدلا عن القبة الزرقاء التي كانت قبل الحريق (والظاهر أنهم بنوها من الحجر أو الآجر لا من الخشب) وكانت تلك على رؤوس السواري وجعلوا تلك الدعائم في موازاة الأساطين التي كان بينها درابزين المقصورة وأحدثوا أسطوانا في جانب مثلث الحجرة من بناء عمر بن عبد العزيز ليشتد به
(٣٢٢)