جاء فيه بشأن المشاهد قوله: الرافضة بدلوا دين الله فعمروا المشاهد وعطلوا المساجد مضاهاة للمشركين ومخالفة للمؤمنين، ومر له كلام آخر بشأن المشاهد في أواخر الباب الثاني. والله تعالى وعباده يعلمون أنه غير صادق في ذلك فالشيعة وحدها لم تعمر المشاهد بل شاركها في ذلك جميع المسلمين حتى الناصبة أمثال ابن تيمية وذلك معلوم مشاهد لا يشك فيه أحد. والشيعة لم تعطل المساجد، هذه بلادهم ومدنهم وقراهم مساجدها معمورة تقام فيها الصلوات والجماعات في جميع أقطار المعمور " ثم " إنه يظهر من مجموع كلماته هذه أنه يحمل جعل القبور مساجد على ما يعم الصلاة عندها وفي مشاهدها وبناء مسجد عليها ويحمل على الأخير النهي عن اتخاذ المساجد عليها كما يظهر من قوله: ولهذا قال علماؤنا الخ وتبعه على ذلك تلميذه ابن القيم الجوزية فإنه قال في كتابه زاد المعاد (1) على ما حكي عنه ما ملخصه أن النبي " ص " حرق مسجد الضرار وأمر بهدمه فكذلك مشاهد الشرك أحق بذلك وأوجب والوقف لا يصح على غير بر ولا قربة فيهدم المسجد إذا بني على قبر كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق " انتهى ".
واعتمادا على هذه الأحاديث هدم الوهابية المسجد الذي عند قبر سيد الشهداء حمزه بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله بأحد بعدما هدموا القبة التي على القبر وأزالوا تلك الآثار الجليلة ومحوا ذلك المسجد العظيم الواسع فلا يرى الزائر لقبر حمزه اليوم إلا أثر قبر على تل من التراب لاعتقادهم إن ذلك محرم بل شرك وكفر واستندوا في فتواهم المنسوبة إلى علماء المدينة بعدم جواز اتخاذ القبور مساجد والصلاة فيها المتقدمة في الفصل التاسع إلى الحديث الأول من هذه الأحاديث كما عرفت ولم يبنوا ما هو مرادهم من اتخاذها مساجد ولعل مرادهم ما يظهر من ابن تيمية كما تقدم فإنه قدوتهم وأول باذر لبذور مذهبهم " والجواب " عن الحديث المذكور الذي استندوا في فتواهم إليه ومنه يعلم الجواب عن الباقي: " أولا " بعدم صحة السند على رواية النسائي (فعبد الوارث) وإن وثقوه لكن رموه بأنه كان يرى القدر (أي الاعتزال) ويظهره وإنه ذم لبدعته وإنه لولا الرأي لم يكن به بأس وإن الحسن بن الربيع قال كنا نأتي عبد الوارث بن سعيد