ترمه وتصلحه وقد تعلمته بحجر وذلك يدل على استحباب مرمة القبر وحفظه من الاندراس وعمل ما يكون علامة ودليلا عليه فإذا ثبت استحباب ذلك فكلما كان أبلغ في حفظه وعدم اندراسه كبناء القبة عليه كان أولى بالاستحباب فإن هذا بمنزلة العلة المنصوصة ومنه يعلم أن القبور يمتاز بعضها عن بعض بامتياز أصحابها في الدين وعدم بناء القباب ونحوها في ذلك العصر للعسر الحاصل للمسلمين واحتياجهم إلى صرف الأموال إن وجدت فيما هو أهم، من الجهاد وإعاشة المسلمين فلا يقاس به العصر المتأخر عن ذلك الذي اتسعت فيه أحوال المسلمين " وكما " كان النبي " ص " وأصحابه يقنعون من العيش بالبلغة وبيوتهم لاطئة مبنية باللبن وسعف النخل ومسجده المعظم عريش كعريش موسى وخطبته في الجمعة والعيد أولا إلى جذع ثم عمل له منبر ولم يكن المنبر يمتاز كثيرا عن الجذع بغير الهيئة فلما قويت شوكة الإسلام واتسعت حال المسلمين واستولوا على كنوز كسرى وقيصر تغيرت حالهم في اللباس والمأكل والمشرب والمسكن ووسعوا المسجدين النبوي والمكي وأجادوا بناءهما وبناء الحجرة الشريفة وسائر المساجد، ولم يكونوا بشئ من ذلك عاصين ولا مبدعين كذلك بنوا على قبور عظماء الدين تعظيما لشأنهم كما فهموه من أحكام دينهم تصريحا وتلويحا. ولو سلمت الكراهة في سائر القبور لا تسلم في قبور الأنبياء وعظماء الشهداء كحمزة سيد الشهداء " ومنها " أن تكون حفظا للقبر الذي ثبتت حرمته في الشرع عن دخول الدواب والكلاب ووقوع القاذورات عليه " والقبور " الشريفة اليوم في البقيع وغيره بعدما ارتكبه الوهابيون من الأعمال الوحشية في حقها، معرض لهذا كله.
(ومنها) استظلال الزائرين بها من الحر والقر عند إرادة الزيارة والصلاة بجانبها التي ثبت رجحانها بشرف المكان والدعاء عندها وقراءة القرآن الذي ثبت أنه أرجى للإجابة وأوفر في الثواب ببركتها وبركة من حل فيها والتدريس فيها وإلقاء المواعظ وغير ذلك من الفوائد فهي بهذا الاعتبار داخلة في المواضع المعدة للطاعات كالمساجد والمدارس والرباطات " ومنها " أن في بنائها وتشييدها تعظيما لشعائر الإسلام.
" خامسا " إنها مع الغض عما ذكر مهجورة متروكة لم يعمل بها أحد من المسلمين قبل الوهابية ومن ضارعهم من عهد الصحابة إلى يومنا هذا وما هذا حاله من الأحاديث لا يعمل به