الطائي ويظهر أن الذي بنى تلك القبة على الرشيد هو ولده المأمون وكان كما عن السيوطي أمارا بالعدل فقيه النفس يعد من كبار العلماء " انتهى " وكان عصره حافلا بالعلماء وأئمة الدين منهم الإمام علي بن موسى الرضا إمام أهل البيت ووارث علوم جده وآبائه الذي كان يصدر المأمون عن رأيه وعمل له الرسالة الذهبية ومسائله له مشهورة في مشكلات علوم الدين ولما رآه يتوضأ والغلام يصب على يديه الماء قال له يا أمير المؤمنين لا تشرك بعبادة ربك أحدا فصرف الغلام. فلو كان البناء على القبور محرما لنهاه عن بناء القبة على قبر الرشيد مع أنه لم ينهه بل أوصى أن يدفن في تلك القبة ومنهم الإمامان الشافعي وأحمد من أئمة المذاهب الأربعة وسفيان بن عيينة وغيرهم ولم ينقل أن أحدا أنكر عليه مع أنهم أنكروا عليه القول بخلق القرآن وصبروا على الحبس والضرب ولم يوافقوه عليه " ومثل " أن نهشل بن حميد الطوسي بنى قبة على قبر أبي تمام حبيب بن أوس الطائي الشاعر المشهور المتوفى سنة 230 بالموصل " وأنها " بنيت قبة على قبر بوران بنت الحسن بن سهل المتوفاة سنة 271 وإن معز الدولة البويهي المتوفى سنة 393 دفن أولا في داره ثم نقل إلى مشهد بني له في مقابر قريش إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع ويطول الكلام باستقصائه وكل ذلك يكذب ما زعمه الوهابية من أن البناء على القبور حدث بعد المائة الخامسة ويبين أنهم يرسلون الكلام على عواهنه ويكيلون الدعاوى جزافا ويدل على مبلغهم من العلم وجهلهم بالتاريخ.
وعن تاريخ الخلفاء للسيوطي أن المتوكل في سنة 236 أمر بهدم قبر الحسين وهدم ما حوله من الدور وأن يعمل مزارع ومنع الناس من زيارته وخرب وبقي صحراء وكان المتوكل معروفا بالنصب فتألم المسلمون من ذلك وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد وهجاه الشعراء فمما قيل في ذلك:
تالله إن كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله * هذا لعمري قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما وعن المسعودي أن المتوكل أمر في سنة 236 المعروف بالديزج بالمسير إلى قبر الحسين بن علي وهدمه وإزالة أثره وأن يعاقب من وجده به فبذل الرغائب لمن يقدم على