ذلك فكل خشي عقوبة الله فأحجم فتناول الديزج مسحاة وهدم أعالي قبر الحسين فحينئذ أقدم الفعلة على العمل ولم يزل الأمر على ذلك حتى استخلف المنتصر " انتهى " (وهذا) صريح في أن قبر الحسين " ع " كان مبنيا بناء عاليا مشيدا لقوله فهدم أعالي القبر وأن هدم قبور عظماء الدين كان معلوما عند المسلمين قبحه ومغروسا ذلك في نفوسهم فلذلك لم يقدم الناس على هدم قبر الحسين " ع " مع بذل الرغائب ولذلك قبح جميع المسلمين فعل المتوكل وكتبوا هجاءه على الحيطان وعد فعله هذا من قبائحه الشنيعة وذمه بذلك كل من كتب في التاريخ فالوهابية اقتدوا في أعمالهم بالمتوكل المعروف بالنصب الذي ساء جميع المسلمين بعمله هذا كما ساؤا هم جميع المسلمين بعملهم ثم أخذه الله أخذ عزيز مقتدر فسلط عليه الأتراك فقتلوه برأي ولده المنتصر شر قتلة.
ومن ذلك كله يعلم أن البناء على القبور لاحقا وسابقا غير محرم وأنه راجح إذا كان على قبر نبي أو ولي أو عالم أو عابد أو غيرهم ممن يكون تعظيمه من تعظيم شعائر الله تعالى وهذا الوجه مما يهدم كل أساس بنى عليه الوهابية شبهاتهم ولا يرتاب فيه إلا مكابر معاند فإنك إذا أحطت علما بما سردناه عليك من تاريخ بناء الحجرة الشريفة النبوية من مبدأ أمرها إلى يومنا هذا وما بني على قبور الصحابة والأئمة والأولياء والصلحاء والشعراء والأمراء وبعض النساء وغيرهم علمت أن المسلمين عموما من الصدر الأول إلى اليوم من جميع النحل والمذاهب الإسلامية متفقون على جواز البناء على القبور وعقد القباب عليها عدى الوهابية فإنهم مخالفون لما عليه الأمة الإسلامية جمعاء ولمذهب السلف الذين يتغنون دائما بأنهم متبعون له حيث علمت أن الصحابة جميعا ومنهم الخلفاء الأربعة اتفقوا على دفنه " ص " في بيته وحجرته التي كان يسكنها مع زوجته عائشة وهي مبنية مسقفة ولو كان البناء على القبور غير جائز لما خفي على الصحابة عموما ولو حرم ابتداء لحرم استدامة ثم دفن أبو بكر وعمر مع النبي " ص " في تلك الحجرة وعد ذلك أعظم منقبة لهما ثم بنت عائشة حائطا في تلك الحجرة بينها وبين القبر الشريف وقد رويتم أنه " ص " قال خذوا ثلثي دينكم عن عائشة ثم جدد بناء الحجرة الشريفة عمر بن الخطاب وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز صالح بني أمية وعادلهم وزاهدهم ومعيد رونق الخلافة بعدما صارت ملكا عضوضا ورافع السب عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وراد