والتحم القتال فكان النصر أولا للشريف ثم انتصر الوهابية وقتل من الفريقين نحو الألفين لكن القتلى من الوهابية أكثر ثم انهزموا ولحقتهم خيل الشريف ثم عادوا إلى مكة ووصل المضايفي وابن شكبان إلى الزيما بجنود كثيرة ثم أتوا عرفة ودخل في دينهم بعض قريش وهذيل وقتلوا من لم يطعهم أو أسروه وهدموا عين زبيدة فقل الماء بمكة ثم انتقل كثير منهم إلى وادي مر وجعلوا ينهبون ويقتلون الوافدين إلى مكة.
وجاء الحاج الشامي والمصري من طريق جدة وحج الناس ولم يحج أحد من الحجاز بسبب هذه الفتنة.
* محاصرة الوهابية مكة سنة 1219 * والأعراب محاصرة مكة من جميع الجهات وكلم الشريف أمير الحاج الشامي إبراهيم باشا والي الشام أن يخرج لقتال الوهابية فأبى فطلب منه جمالا وعسكرا لإحضار القوت والذخيرة من جدة فوعد ثم أخلف (وجاء) ليلة خمسة فوارس وهو مقيم بالزاهر فصاحوا في أطراف العسكر وكبروا فخاف خوفا شديدا وكاتب المضايفي وصار يأتيه بعض الوهابية فيكرمهم ثم سافر فجر العشرين من ذي الحجة وأخذ معه العسكر الذي كان أبقاه أمير الحاج الشامي في السنة الماضية ولم يأذن له المضايفي في الرحيل حتى دفع له مائتي كيس فسكن الشريف روع أهل البلد وقام بحفظه بمن معه من الأعوان وترسه من الجوانب الأربعة.
* اشتداد الغلاء بمكة عام 1219 * واشتد الغلاء والجوع لانقطاع الطرق وابتدأ من أواخر ذي الحجة سنة 19 واستمر إلى ذي القعدة سنة 20 فبلغت كيلة القمح والرز مشخصين والزبيب ثلاث ريالات ورطل السكر والشحم والزيت والبن واللحم والتمر ريالا والسمن ريالا ونصفا وباع أهل مكة جميع ما يملكونه بأبخس الأثمان ثم عدمت الأقوات بالكلية وأكل الناس الأدوية كبزر الخشخاش وزبيب الهوى والصمغ والنوى وبزر الحمر وشربوا الدم وأكلوا الجلود والسنانير والكلاب وكل حيوان. وكاتب جملة من الناس المضايفي وانسل بعضهم إليه ليلا وكاتبه بعض شيوخ العبيد الذين بيدهم القلعة فبلغ ذلك الشريف فسجن جماعة وقتل بعض شيوخ العبيد ودخل كثير من الأشراف في طاعة الوهابي.