ورسوله محمد " ص " فإنهم كانوا يدعونها ويلجئون إليها ويسألونها على وجه التوسل بجاهها وشفاعتها لتقربهم إلى الله زلفى كما حكى ذلك الله عنهم بقوله تعالى (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله " الآية ". والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " وغيرها من الآيات. ومعلوم أن المشركين لم يزعموا أن الأنبياء والأولياء والصالحين والملائكة شاركوا الله في خلق السماوات والأرض واستقلوا بشئ من التدبير والتأثير والإيجاد ولو في خلق ذرة من الذرات قال تعالى " ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قال حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون) فهم معترفون بهذا مقرون به لا ينازعون فيه ولذلك حسن موقع الاستفهام وقامت الحجة بما أقروا به من هذه الجمل ومجرد الاتيان بلفظ الشهادة من غير علم بمعناها ولا عمل بمقتضاها لا يكون به المكلف مسلما بل هو حجة على ابن آدم خلافا لمن زعم أن الإيمان مجرد الاقرار كالكرامية ومجرد التصديق كالجهمية وقد أكذب الله المنافقين فيما أتوا به وزعموه من الشهادة وسجل على كذبهم مع أنهم أتوا بألفاظ مؤكدة بأنواع التأكيدات قال تعالى (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك رسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) فأكدوا بلفظ الشهادة وإن اللام والجملة الأسمية فأكذبهم وأكد تكذيبهم بمثل ما أكدوا به شهادتهم سواء بسواء وزاد التصريح باللقب الشنيع وبهذا تعلم أن مسمى الاذعان لا بد فيه من الصدق والعمل ومن شهد أن لا إله إلا الله وعبد غيره فلا شهادة له إن صلى وزكى وصام قال تعالى (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) الآية (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض) الآية " انتهى ".
والجواب: أما إجمالا: فإن جعله ما يصدر من المسلمين في حق الأنبياء من الاستغاثة بهم وطلب شفاعتهم الذي مرجعه إلى طلب الدعاء منهم والنذر والذبح لله والتصدق به وإهداء الثواب إليهم الذي توهم أنه نذر وذبح لهم وتعظيمهم وتعظيم قبورهم والتبرك بها وغير ذلك عبادة لهم ولقبورهم كعبادة الأصنام خطأ وغلط فإنه ليس المراد من العبادة التي لا تصلح لغير الله وتوجب الشرك والكفر إذا وقعت لغيره مطلق التعظيم والخضوع كما