قتالهم واستحلال دمائهم وجعل بلادهم دار حرب وقتالهم جهادا في سبيل الله وبلادهم بلاد شرك تجب الهجرة منها إلى بلاد الإسلام التي أهلها وهابية موحدون كما كانت هذه الأشياء ثابتة في حق عبدة الأوثان والأصنام. قال محمد بن عبد الوهاب في رسالة ثلاثة الأصول (1): والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام وهي باقية إلى أن تقوم الساعة الخ.
أما سبي ذراري المسلمين فهو مقتضى قواعد المذهب الوهابي الذي أساسه ومبناه ومحوره الذي يدور عليه التسوية بين عبدة الأصنام وبين المسلمين في الاشراك بالعبادة، وقد صرح الصنعاني في تطهير الاعتقاد في عدة مواضع بما يدل على ذلك حيث قال: (2) ومن فعل ذلك (أي الاستغاثة وما يجري مجراها) لمخلوق فهذا شرك في العبادة وصار من تفعل له هذه الأمور إلها لعابديه وصار الفاعل عابدا لذلك المخلوق وإن أقر بالله وعبده فأن إقرار المشركين بالله وتقربهم إليه لم يخرجهم عن الشرك وعن وجوب سفك دمائهم وسبي ذراريهم ونهب أموالهم.
وقال في موضع آخر: (3) فمن رجع وأقر حقن عليه دمه وماله وذراريه ومن أصر فقد أباح الله منه ما أباح لرسول الله (ص) من المشركين " انتهى ". ويدل عليه ما حكاه الجبرتي في تاريخه في حوادث سنة 1217 كما تقدم نقله عنه في بعض الحواشي السابقة: أنهم لما دخلوا الطائف قتلوا الرجال وأسروا النساء والأطفال. قال: وهذا دأبهم مع من يحاربهم. وعن كتاب التوضيح لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب أنه قال: وأباح لأهل التوحيد أموالهم ونساءهم وأن يتخذوهم عبيدا " انتهى ".
ومر عن تاريخ الأمير حيدر أن الوهابيين في بعض حروبهم سبوا النساء وقتلوا الأطفال، ولكن في الرسالة الثانية من رسائل الهدية السنية (4): ومما نحن عليه إنا لا نرى سبي العرب ولم نفعله نقاتل غيرهم " كذا " ولا نرى سبي النساء والصبيان " انتهى " وهذا مناقض لقواعد مذهبهم ولما سمعت من كلام بعضهم، والتناقض في كلامهم غير عزيز كما يظهر لك من تضاعيف هذا الكتاب.