بمذهب. ثالثا: أنه لا يوجد بين المسلمين من لم يقل طول عمره يا رسول الله أسألك الشفاعة ولم يهتف باسمه ولم يستغث ولم يتوسل به ولم يفعل شيئا مما يرونه كفرا وشركا بل اعتقد جوازه فقط ولم يفعله، وهم قد قطعوا بأن من قال ذلك مشرك مهدور الدم كما صرحوا به في نفس السؤال، فقد قطعوا بأن جميع المسلمين مشركون مهدورة دماؤهم، ولم ينفع هذا الاعتذار مهما أكثر صاحب المنار فوقه من الخطوط المستطيلة ليزيد في ظهوره للأبصار وجلوته للأنظار.
أما تقييده التكفير ببلوغ الدعوة الوهابية وقيام الحجة مع الاصرار مستكبرا معاندا فهو مخالف لما ذكره أبوه وغيره كما عرفت من إطلاق اسم الكفر والشرك والارتداد ونحو ذلك على عامه المسلمين من دون تقييد بذلك في مواضع تنبو عن الحصر بل عرفت تصريح الصنعاني أحد مؤسسي مذهبهم بأن كفر المسلمين أصلي لا ارتدادي، وكل ذلك مبطل لهذا العذر الواهي، وجميع الوهابيين لا يخاطبون المسلمين إلا بقولهم يا مشرك من غير نظر إلى قيام الحجة على المخاطب وعدمه، وسمعت بعض النجديين في مجلس صديقنا الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي بمحضر صديقنا الشيخ عبد الرزاق البيطار يقول: قرر الإخوان أن لا يخاطبوا أحدا إلا بقول يا مشرك حتى لو أراد أحدهم شراء لبن بعشر بارات فعليه أن يقول يا مشرك أعطني لبنا بعشر بارات، فمع كل هذه التصريحات لا ينفع هذا الاعتذار عن الوهابيين شيئا. أما اعتذاره عمن مضى بأنهم مخطئون معذورون لعدم بلوغ الدعوة لهم وتنظيره بغلط عمر في المهر والصحابة في ذات أنواط: ففيه أن معتقد الكفر والشرك غير معذور لقيام الحجة عليه من العقل والنقل قبل أن يخلق الله الوهابيين ولو كان معذورا لعذر عبدة الأصنام من أهل الجاهلية الذين ماتوا في الفترة ولم يقل أحد بعذرهم مع أن بلوغ الدعوة المعتبر إنما هو بلوغ الدعوة النبوية إلى التوحيد وترك عبادة الأوثان وهذا قد حصل ومع ذلك فقد بقي المسلمون مصرين على عبادة الأوثان بقولهم: نسألك الشفاعة يا رسول الله، وجهلهم بأنه شرك لا يكون عذرا كجهل من عبد الأصنام بعد الإسلام، والمجتهد معذور مثاب وإن أخطأ في الفروع لا في الأصول. ومن ذلك يظهر بطلان التنظير بغلط عمر في المهر لأنه في مسألة فرعية لا في مسألة اعتقادية توجب الشرك وأما التنظير بغلط الصحابة وبينهم النبي (ص) في ذات أنواط فنقول لو لم يرجعوا عن ذلك