وكلامها، وقد وصفتها السيدة عائشة فقالت " ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها " (1) واستغربت مرة أن تكون فاطمة كسائر النساء حين رأتها تبكي ثم تضحك إلى جوار رسول الله في مرض وفاته ثم علمت أنها ضحكت لأنها سمعت من أبيها أنها أول من سيلحق به من أهله (2) وكانت رضي الله عنها ذات إرادة قوية لا تلين فقد بدا ذلك من زواجها وفي محاجتها لأبي بكر وعمر.
وقد يكون دلائل الإرادة في المرأة خاصة أنها تلزم الصمت ولا تكثر الكلام، وقد كان من عادة الزهراء أنها لا تتكلم حتى تسأل، وأنها لا تعجل إلى الحديث فيما تعلم فضلا عما لا تعلم، ولهذا انحصرت أحاديثها عن أبيها فيما كانت تسمعه منه بين البيت والمسجد، ولم تزد عليه. ولا ننسى أن الزهراء قد اختضرت وهي في الثلاثين، فإذا ظهر منها هذا الجد، وهذا اليقين، وهذه العزة، وهذه الإرادة وهي في تلك السن المبكرة فذاك ولا شك دليل على قوة كامنة يرجع إليها حين يفسر المفسرون خلائق بنيها وما كانوا قد استمدوه من هذا الميراث المكين) (3).