هذه إذا السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي حملت بها السيدة خديجة رضي الله عنها وقد قاربت يومها الخمسين من عمرها، وكانت السيدة فاطمة هي البنت الرابعة بين أخواتها، ولقد فرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت ولادتها بشير خير وفألا حسنا يوم أتمت قريش بناء البيت الحرام وأراد كل سيد أن يكون له شرف وضع الحجر الأسود في مكانه، وشجر الأمر فيما بينهم وكادوا يقتتلون ثم أجمعوا على تحكيم أول من يدخل عليهم المسجد، فكان الداخل محمدا فقالوا: هذا محمد الأمين قد رضينا به حكما، وحين علم سبب اختلافهم قال: ضعوا الحجر على هذا الثوب - وبسط رداءه - ففعلوا فقال: ليأخذ كل رئيس قبيلة بطرف من الرداء ولترفعوه جميعا ففعلوا، فأخذه حين رفعوه فوضعه مكانه، ولم ينازعوه في ذلك، وانطفأت الفتنة، (1) وعاد صلى الله عليه وسلم إلى بيته فوجد خديجة قد ولدت فاطمة، وبشر بها ففرح فرحا عظيما، وتفاءل بمولدها المبارك الميمون، وتهلل وجهه الشريف بالرضى والسرور، إنهما حدثان عظيمان في يوم واحد، وسماها فاطمة تفاؤلا بأن تصير أما وتفطم أولادها واحدا بعد آخر، وهكذا كان.. (2) ومما لا شك فيه أن للسيدة فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - دورا كبيرا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأثرا بعيدا في تاريخ الدعوة إلى الله عز وجل، فقد اختار الله أباها محمدا صلى الله عليه وسلم للرسالة وهي في الخامسة من عمرها فنشأت في ظلال الدعوة وآمنت بالله ورسوله، ووقفت إلى جانبه تشد أزره، وتتقصى أخباره، وما كانت تواجهه به قريش من صد وإعراض وأذى، وكان ذلك يؤلمها ويحزنها ويملأ قلبها إشفاقا ورحمة على أبيها الكريم، فلا تألو جهدا في شد أزره، والصبر معه، والدفاع عنه، واشتد أثرها وكبر دورها مع
(٨٩)