حياتها رضي الله عنها في بيت زوجها:
كان الإمام علي كرم الله وجهه فقيرا لا يملك شيئا، وكانت حياته وحياة السيدة فاطمة رضي الله عنها صعبة في كثير من الوجوه، فقد كانت ضعيفة البنية لما قاسته في حصار الشعب من جوع وحرمان، وبعد أن انفكوا من الحصار وعادوا إلى حياة مكة المكرمة بدأت في تحمل المشقة والتعب ومشاركته صلى الله عليه وسلم في تحمل أذى قريش، ووصلت إلى المدينة المنورة دامية القدمين، ثم عاشت مع أبيها النبي الكريم الذي آثر الآخرة، وما أهمته دنياه في شئ وكان يهتم بشؤون المسلمين ويعني بأهل بيته، ثم انتقلت إلى زوجها العالم الورع المجاهد الذي كان لا يضمن إذا اضطر أن يتناول غداء أو عشاء فشاركته الزهراء هذه الحياة راضية مرضية، وجاء في الأثر أن الإمام عليا رضي الله عنه وأرضاه كان يساعدها ما أمكنه ذلك لأنه لم يكن في إمكانه أن يستأجر لها من يخدمها، وكان يرى آثار الرحى في يديها اللطيفتين فيتأثر: " عن علي رضي الله عنه - أنه قال لابن أم عبد: ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكانت أحب أهله إليه - " كانت عندي فجرت بالرحى حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وقمت (1) البيت حتى أغبرت ثيابها، وأوقدت القدر حتى دكنت ثيابها - وفي رواية وخبزت حتى تغير وجهها - فأصابها من ذلك ضرر " (2).
وعنها رضي الله عنها أنها قالت: " لقد مجلت (3) يداي من الرحى أطحن مرة وأعجن مرة... " (4) الحديث.