علموا أولادكم محبة آل بيت النبي (ص) - الدكتور محمد عبده يماني - الصفحة ٧٩
حياتها رضي الله عنها في بيت زوجها:
كان الإمام علي كرم الله وجهه فقيرا لا يملك شيئا، وكانت حياته وحياة السيدة فاطمة رضي الله عنها صعبة في كثير من الوجوه، فقد كانت ضعيفة البنية لما قاسته في حصار الشعب من جوع وحرمان، وبعد أن انفكوا من الحصار وعادوا إلى حياة مكة المكرمة بدأت في تحمل المشقة والتعب ومشاركته صلى الله عليه وسلم في تحمل أذى قريش، ووصلت إلى المدينة المنورة دامية القدمين، ثم عاشت مع أبيها النبي الكريم الذي آثر الآخرة، وما أهمته دنياه في شئ وكان يهتم بشؤون المسلمين ويعني بأهل بيته، ثم انتقلت إلى زوجها العالم الورع المجاهد الذي كان لا يضمن إذا اضطر أن يتناول غداء أو عشاء فشاركته الزهراء هذه الحياة راضية مرضية، وجاء في الأثر أن الإمام عليا رضي الله عنه وأرضاه كان يساعدها ما أمكنه ذلك لأنه لم يكن في إمكانه أن يستأجر لها من يخدمها، وكان يرى آثار الرحى في يديها اللطيفتين فيتأثر: " عن علي رضي الله عنه - أنه قال لابن أم عبد: ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكانت أحب أهله إليه - " كانت عندي فجرت بالرحى حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وقمت (1) البيت حتى أغبرت ثيابها، وأوقدت القدر حتى دكنت ثيابها - وفي رواية وخبزت حتى تغير وجهها - فأصابها من ذلك ضرر " (2).
وعنها رضي الله عنها أنها قالت: " لقد مجلت (3) يداي من الرحى أطحن مرة وأعجن مرة... " (4) الحديث.

(١) قمت البيت: أي كنسته، ودكنت ثيابها: أي اتسخت وأغبر لونها (النهاية: ٢ / ١٢٨).
(٢) أخرجه: أبو داود رقم (٥٠٦٤) في كتاب (الأدب) باب (في التسبيح عند النوم) (٥ / ٣٠٩)، وأبو نعيم (٢ / ٤١) من طريق عبد الله بن أحمد وحسنه أحمد شاكر - رحمه الله في تعليقه على المسند (٢ / ٣٢٩)، وذكر الهيثمي في " المجمع " (٥ / ٢١ - ٢٢)، وانظر فتح الباري (١١ / ١١٩).
(٣) أي ثخن جلد ها وتعجر، النهاية (٤ / ٣٠٠).
(٤) رواه الدولابي في " الذرية الطاهرة " (ص ١٠٣) وإسناده حسن، وأحمد في المسند (٦ / ٢٩٨) والترمذي رقم (٣٤٠٩) في (الدعوات) باب (ما جاء في التسبيح والتكبير والتحميد) (5 / 445). ومعنى (مجلت يداي) ظهر في كفيها بقع صغيرة منتفخة صفراء تحتها ماء.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست