بالبيت فانتظره عدو الله عقبة بن أبي معيط حتى سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام هذا الخبيث فوطئ بقدمه عنق النبي الكريم ورأى أبو بكر الصديق ذلك فدفعه عنه وقال قولته المشهورة: " ويحكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله " (1).
وكانت الزهراء رضي الله عنها ترفع الأذى الذي يضعونه على رأسه صلى الله عليه وسلم، وكم تألمت الزهراء وهي ترى أعداء الله يؤذون والدها الرسول الكريم وصاحبه أبا بكر الصديق لأنه يقف مع رسول الله ويدافع عنه فضربوه وشتموه وأدموا جسمه وانتزعوا شعره رضي الله عنه.
وكانت هي بجواره رضي الله عنها تتألم لمصابه، ووقفت هذه السيدة الكريمة بجوار رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم في كل المحن التي ألمت به وكانت تبكي مما أصاب أباها الكريم الذي وقف صابرا محتسبا يهدئ من روعها ويسري عنها ويبشرها بأن نصر الله قريب، وعاشت هذه الزهراء المباركة حصار الشعب الذي آلمها وآذاها وعمق الأسى في نفسها خصوصا وهي ترى عداوة هؤلاء القوم دون ما ذنب ولا جريرة.
ومرضت السيدة فاطمة رضي الله عنها داخل الشعب، وكانت أسرة الرسول صلى الله عليه وسلم كلها تعاني من قسوة قريش وظلمهم، وكانت السيدة خديجة رضي الله عنها خائفة على هذه الطفلة الصغيرة خصوصا بعد أن تمكن من السيدة خديجة المرض، واشتدت عليها العلة، وأحست بدنو الأجل، فلما توفيت خديجة حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا، وأحس بمرارة الفراق، وعمق الوحشة، وهول المصيبة، فقد ودع بها امرأة عظيمة طالما أيدته وشجعته وواسته، وكانت خلال حياتها معه ينبوع عطف ورحمة وحنان.