وقد وجد الطاعنون على الإسلام من اليهود والنصارى، والحاقدون على الإسلام من الملحدين في هذا العدد من أزواجه مطعنا يتطاولون به على مقام النبي صلى الله عليه وسلم، ومثار شبهة يلقون من خلالها الشكوك في قلوب المسلمين، ويثيرون الحقد على الإسلام عند غير المسلمين.
ولولا أننا نعلم أن كثيرا من أبناء المسلمين تفاجئهم هذه الشبهة وأمثالها، فلا يستطيعون ردها لما استحق هؤلاء الطاعنون أن نلقي لهم بالا فهم أعمق حقدا وأشد مكرا من أن يطأطئوا رؤوسهم لحق، أو يتراجعوا عن باطل، وهم أعظم جحودا وعنادا من أن ينفعهم العلم مثلما قال فيهم رب العزة: (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) وكما قال فيهم أيضا (فإنهم لا يكذبونك - أي يعلمون أنك رسول الله - ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون). الأنعام 33 وبيانا لوجه الحق في هذه الشبهة نقول: إن تعدد زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أوجه العظمة التي تشهد له بالرأفة وكمال الخلق وصدق النبوة..
فقد بلغ الخامسة والعشرين من عمره المبارك ولم يعرف عنه - وهو المعصوم - أنه سعى لامرأة أو قارف إثما، وقد تزوج خديجة بنت خويلد بعد أن عرضت عليه نفسها ولم يكن هو الذي طلبها، وكان عمره يومها خمسا وعشرين سنة وكانت أكبر منه بخمس عشرة سنة، وقضى سحابة شبابه معها حتى جاوز الخمسين، وتوفيت وهي في الخامسة والستين رضي الله عنها، ولو أن محمدا كان كما يزعمون لتزوج ثانية وثالثة ورابعة في أثناء حياتها، فتلك هي المدة التي يظهر فيها الميل الشديد إلى النساء عند من لهم في النساء رغبة شديدة وميل عظيم، أما أن يقتصر على خديجة وحدها خلال أكثر من خمس وعشرين سنة من شبابه وكهولته فهذا أبلغ رد على من في قلوبهم مرض، وأعظم مقنع لأصحاب العقول السليمة، وطلاب الحق من مسلمين وغير مسلمين.