عبد الله بن جعفر قاصدين الحج، ففاتتهم أثقالهم ببعض الطريق، وقد أحسوا الجوع والظمأ، فرأوا خباء فمالوا نحوه، فوجدوا امرأة عجوزا فسألوها: هل من شراب. فقالت: نعم، فحطوا رحالهم، فلم يكن عندها إلا شاة فقالت احلبوها واشربوا لبنها، ففعلوا فقالوا: هل من طعام؟..
فقالت: هذه الشوية، دونكم ما عندي غيرها فأنا أقسم عليكم بالله إلا ما ذبحها أحدكم حتى أهيئ لكم الحطب، فاشووها وكلوا، ففعلوا. ولما انقضت الظهيرة وأبردوا وارتحلوا من عندها، قالوا لها: يا هذه نحن نفر من قريش نريد هذه الوجه فإذا رجعنا سالمين فألمي بنا فإنا صانعون بك خيرا، إن شاء الله تعالى. ومضوا لشأنهم. فلما أقبل زوجها وعلم ما فعلته غضب وقال لها: ويحك تذبحين شاتنا لقوم لا نعرفهم ثم تقولين نفر من قريش.
وبعد حين جاءت سنة مجدبة، فاضطرت المرأة وزوجها أن يدخلا المدينة يلتقطان البعر، فبينما هي في بعض سكك المدينة ومعها مكتلها تلتقط فيه البعر - والحسن يومئذ جالس على باب داره. فنظر إليها، فعرفها، فناداها: يا أمة الله هل تعرفينني؟ فقالت: لا. فقال: أنا أحد ضيوفك يوم كذا سنة كذا في مكان كذا. فقالت بأبي أنت وأمي لست أعرفك. فقال لها فإن لم تعرفيني فأنا أعرفك. ثم أمر غلامه فاشترى لها من غنم الصدقة ألف شاة وأعطاها معها ألف دينار، ثم أرسلها مع غلامه إلى أخيه الحسين، فلما دخلت عليها عرفها، وسأل الغلام بكم وصلها أخي الحسن؟ فأخبره. فأمر لها بمثل ما أعطاها الحسن، ثم بعث بها إلى ابن عمهما عبد الله بن جعفر رضي الله عنهم، فلما دخلت عليه عرفها، ولما أخبره الغلام بصلة الحسن والحسين لها، قال والله لو بدأت بي لأتعبتهما. ثم أمر لها بألفي شاة وألفي دينار. فعادت وقد أخذت بشاتها أربعة آلاف شاة وأربعة آلاف دينار.
وسألوه مرة قالوا له: لماذا نراك لا ترد سائلا وإن كنت على فاقة؟
فأجابهم: إني لله سائل وفيه راغب، وأنا أستحي أن أكون سائلا وأرد