وكان ذلك في منتصف جمادى الأولى عام 41 من الهجرة، وتحققت بذلك نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم يوم قال عن الإمام الحسن: " إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين " (1).
وبتنازله انتهت مدة الخلافة الراشدة التي ذكر النبي أنها ثلاثون سنة.
ولما عوتب على تنازله قال لمعاتبيه: " كرهت أن ألقى الله عز وجل وإذا سبعون ألفا أو أكثر تشخب أوداجهم دما يقول كل منهم: يا ربي فيم قتلت " (2).
وأقام الحسن - رضي الله عنه - في المدينة بعد ذلك، وكان عذب الروح حلو الحديث، كريم المعاشرة، حسن الألفة، محببا إلى الناس يحبه الناس لسهولة أخلاقه، ولمكانته من النبي صلى الله عليه وسلم، ولسخائه وجوده.
وكان إذا صلى الصبح وانتشر النهار، ألم ببيوت أمهات المؤمنين يزورهن ويبرهن، ويهدي إليهن، وإذا صلى الظهر جلس للناس يعلمهم، ويسمع من شيوخ الصحابة ما علموه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أقواله رضي الله عنه:
سأله أبوه يوما قائلا: يا بني ما السداد؟ فقال: دفع المنكر بالمعروف. قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة والاحتمال للجزيرة.
قال: فما السماح؟ قال: البذل في العسر واليسر، قال فما اللؤم؟ قال:
إحراز المرء ماله، وبذل عرضه، قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة على الصديق، والنكول عن العدو، قال: فما الغنى؟ قال: رضي النفس بما قسم الله لها وإن قل. قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس.
قال: فما المنعة؟ قال: شدة البأس ومنازعة أعز الناس. قال: فما الذل؟