ولن تنسى صفحات التاريخ قيامه مع أخيه ومواليهما على باب عثمان بن عفان رضي الله عنه يصدون الجموع الثائرة ويدفعون عنه الخوارج عليه، حتى لم يصلوا إليه إلا بتسور داره من ظهرها حيث لا يراهم الحسن وأخوه ورجالهما.
وقد كان للحسن رأي أيام فتنة عثمان، فقد أشار على أبيه أن يعتزل الناس، بل وأن يترك المدينة، ويعتكف في مال له بينبع، حتى تنتهي الفتنة، وكذلك لما قتل عثمان رأى أن يغادر أبوه المدينة ولا يقبل البيعة، ويدع الخلافة لغيره حتى تستقر الأمور، ولكنه مع هذا لازم أباه، وشهد معه معاركه كلها، حتى أنه بكى عندما رأى ركاب أبيه تتجه إلى العراق (1).
وحينما استشهد علي رضي الله عنه، بايع الناس ابنه الحسن خليفة للمسلمين، وقام أهل الكوفة يدعون الرغبة في القتال، ولكنه ذكر انتشار أمرهم واختلافهم بين يديه، وخلافهم على أبيه من قبل فرضي بالصلح.
وترك الأمر لمعاوية الذي عرض أن تكون ولاية العهد للحسن من بعد معاوية، ولكن الحسن كتب في الشرط أنه لا يحق لمعاوية أن يعهد لأحد بعده بل يكون الأمر شورى (2).
وحين التقيا بالكوفة، قام الحسن خطيبا، فكان مما قال: " أيها الناس، إن أكيس الكيس التقى، وأحمق الحمق الفجور، إن هذا الأمر سلمته لمعاوية، إما أن يكون حق رجل كان أحق به مني فأخذ حقه، وإما أن يكون حقي فتركته لصلاح أمة محمد وحقن دمائها، فالحمد لله الذي أكرم بنا أولكم وحقن بنا دماء آخركم " (3).