وقد تجلت فيه وفي أخيه الحسين مواريث الفصاحة، ونفاذ البصيرة، والحلم والكرم عن جدهما وأبيهما وأمهما، وقد تلقيا عن أبيهما العلم والقرآن والتأويل، وكذلك اغترفا من علم الصحابة الذين عاصروهما.
وأحاديث جود الإمام الحسن وسخائه أكثر من أن تحصى، ونذكر منها (1): " سمع مرة رجلا يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم فانصرف الحسن إلى منزله وبعث بها إليه ".
وسأله رجل صدقة ولم يكن معه شئ، فاستحيي أن يرده بلا عطاء فقال له ألا أدلك على شئ يحصل لك منه البر؟ قال بلى فما هو؟ قال:
اذهب إلى الخليفة فإن ابنته توفيت وانقطع عليها وما سمع من أحد تعزية فعزه بقولك له: " الحمد لله الذي سترها بجلوسك على قبرها وما هتكها بجلوسها على قبرك ".
فذهب الرجل وفعل مثل ما أمره، فسرى عن الخليفة حزنه، وأمر له بجائزة، وقال له: أكلامك هذا. فقال بل كلام الحسن، قال صدقت فإنه معدن الكلام الفصيح وأمر له بجائزة أخرى " (2).
وجاء رجل يشكو إليه ضيق الحال، فدعا الحسن وكيله وجعل يحاسبه على نفقاته ومقبوضاته حتى استقصاها، فقال لوكيله: هات الفاضل فأحضر خمسين ألف درهم، ثم قال ماذا فعلت بالخمسمائة دينار التي معك؟ قال عندي؟ قال فأحضرها، فلما أحضرها دفع الدراهم والدنانير إلى السائل واعتذر له.
وخرج الإمام الحسن ومعه أخوه الحسين ومعهما ابن عمهما