شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٥٠٣
ش فقوله لم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون قال تعالى * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * * (لا نكلف نفسا إلا وسعها) * وعند أبي الحسن الأشعري أن تكليف ما لا يطاق جائز عقلا ثم تردد أصحابه أنه هل ورد به الشرع أم لا واحتج من قال بوروده بأمر أبي لهب بالإيمان فإنه تعالى أخبر بأنه لا يؤمن وأنه سيصلى نارا ذات لهب فكان مأمورا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن وهذا تكليف بالجمع بين الضدين وهو محال والجواب عن هذا بالمنع فلا نسلم بأنه مأمور بأن يؤمن بأنه لا يؤمن والاستطاعة التي بها يقدر على الإيمان كانت حاصلة فهو غير عاجز عن تحصيل الإيمان فما كلف إلا ما يطيقه كما تقدم في تفسير الاستطاعة ولا يلزم قوله تعالى للملائكة * (أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) * مع عدم علمهم بذلك ولا للمصورين يوم القيامة أحيوا ما خلقتم وأمثال ذلك لأنه ليس بتكليف طلب فعل يثاب فاعله ويعاقب تاركه بل هو خطاب تعجيز وكذا لا يلزم دعاء المؤمنين في قوله تعالى * (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) * لأن تحميل ما لا يطاق ليس تكليفا بل يجوز أن يحمله جبلا لا يطيقه فيموت وقال ابن الأنباري أي لا تحملنا ما يثقل علينا أداؤه وإن كنا مطيقين له على تجشم وتحمل مكروه قال فخاطب العرب على حسب ما تعقل فإن الرجل منهم يقول للرجل يبغضه ما أطيق النظر إليك وهو مطيق لذلك لكنه يثقل عليه ولا يجوز في الحكمة أن يكلفه بحمل جبل بحيث لو فعل يثاب ولو امتنع يعاقب كما أخبر سبحانه عن نفسه أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها ومنهم من يقول يجوز تكليف الممتنع عادة دون الممتنع
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»