شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٥٠٢
وسلم لأشج عبد القيس إن فيك لخلتين يحبهما الله الحلم والأناة فقال اخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما فقال بل خلقان جبلت عليهما فقال الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله تعالى والله تعالى إنما يعذب عبده على فعله الاختياري والفرق بين العقاب على الفعل الاختياري وغير الاختياري مستقر في الفطر والعقول وإذا قيل خلق الفعل مع العقوبة عليه ظلم كان بمنزلة أن يقال خلق أكل السم ثم حصول الموت به ظلم فكما أن هذا سبب للموت فهذا سبب للعقوبة ولا ظلم فيهما فالحاصل أن فعل العبد فعل له حقيقة ولكنه مخلوق لله تعالى ومفعول لله تعالى ليس هو نفس فعل الله ففرق بين الفعل والمفعول والخلق والمخلوق والى هذا المعنى أشار الشيخ رحمه الله بقوله وأفعال العباد خلق الله وكسب من العباد أثبت للعباد فعلا وكسبا وأضاف الخلق لله تعالى والكسب هو الفعل الذي يعود على فاعله منه نفع أو ضرر كما قال تعالى * (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) * قوله ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون ولا يطيقون إلا ما كلفهم وهو تفسير لا حول ولا قوة الا بالله نقول لا حيلة لاحد ولا تحول لاحد ولا حركة لاحد عن معصية الله الا بمعونة الله ولا قوة لاحد على إقامة طاعة الله والثبات عليها الا بتوفيق الله وكل شيء يجري بمشيئة الله تعالى وعلمه وقضائه وقدره غلبت مشيئته المشيئات كلها وعكست ارادته الإرادات كلها وغلب قضاؤه الحيل كلها يفعل ما يشاء وهو غير ظالم ابدا * (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) *
(٥٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 ... » »»