شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٥١٤
حنيفة رحمه الله قال بالإطعام عن الميت دون الصيام عنه لحديث ابن عباس المتقدم والكلام على ذلك معروف في كتب الفروع وأما وصول ثواب الحج ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها قال حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته اقضوا الله فالله أحق بالوفاء ونظائره أيضا كثيرة وأجمع المسلمون على أن قضاء الدين يسقطه من ذمة الميت ولو كان من أجنبي ومن غير تركته وقد دل على ذلك حديث أبي قتادة حيث ضمن الدينارين عن الميت فلما قضاهما قال النبي صلى الله عليه وسلم الآن بردت عليه جلدته وكل ذلك جار على قواعد الشرع وهو محض القياس فإن الثواب حق العامل فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع من ذلك كما لم يمنع من هبة ماله في حياته وإبرائه له منه بعد وفاته وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصوم على وصول ثواب القراءة ونحوها من العبادات البدنية يوضحه أن الصوم كف النفس عن المفطرات بالنية وقد نص الشارع على وصول ثوابه إلى الميت فكيف بالقراءة التي هي عمل ونية والجواب عما استدلوا به من قوله تعالى * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) * قد أجاب العلماء بأجوبة أصحها جوبان أحدهما أن الإنسان بسعيه وحسن عشرته اكتسب الأصدقاء وأولد الأولاد ونكح الأزواج وأسدى الخير وتودد إلى الناس فترحموا عليه ودعوا له وأهدوا له ثواب الطاعات فكان ذلك أثر
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»