شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٨٨
أنواع التوحيد الذي دعت اليه الرسل ثم التوحيد الذي دعت اليه رسل الله ونزلت به كتبه نوعان توحيد في الاثبات والمعرفة وتوحيد في الطلب والقصد فالأول هو اثبات حقيقة ذات الرب تعالى وصفاته وأفعاله وأسمائه * (ليس كمثله شيء) * في ذلك كله كما اخبر به عن نفسه وكما اخبر رسوله صلى الله عليه وسلم وقد أفصح القرآن عن هذا النوع كل الافصاح كما في أول الحديد وطه وآخر الحشر وأول ألم تنزيل السجدة وأول آل عمران وسورة الاخلاص بكمالها وغير ذلك والثاني وهو توحيد الطلب والقصد مثل ما تضمنته سورة قل يا أيها الكافرون وقل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم آل عمران وأول سورة تنزيل الكتاب وآخرها وأول سورة يونس وأوسطها وآخرها وأول سورة الأعراف وآخرها وجملة سورة الأنعام وغالب سور القرآن متضمنة لنوعي التوحيد بل كل سورة في القرآن فالقرآن اما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وهو التوحيد العلمي الخبري واما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع ما يعبد من دونه فهو التوحيد الإرادي الطلبي واما أمر ونهي والزام بطاعته فذلك من حقوق التوحيد ومكملاته واما خبر عن اكرامه لأهل توحيده وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة فهو جزاء توحيده واما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفى شأن الشرك وأهله
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»