شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٨٦
كان معه سبحانه اله آخر يشركه في ملكه لكان له خلق وفعل وحينئذ فلا يرضى تلك الشركة بل إن قدر على قهر ذلك الشريك وتفرده بالملك والإلهية دونه فعل وان لم يقدر على ذلك انفرد بخلقه وذهب بذلك الخلق كما ينفرد ملوك الدنيا بعضهم عن بعض بملكه إذا لم يقدر المنفرد منهم على قهر الآخر والعلو عليه فلا بد من أحد ثلاثة أمور اما ان يذهب كل اله بخلقه وسلطانه واما أن يعلو بعضهم على بعض وأما أن يكونوا تحت قهر ملك واحد يتصرف فيهم كيف يشاء ولا يتصرفون فيه بل يكون وحده هو الاله وهم العبيد المربوبون المقهورون من كل وجه وانتظام أمر العالم كله واحكام أمره من أدل دليل على أن مدبره اله واحد وملك واحد ورب واحد لا اله للخلق غيره ولا رب لهم سواه كما قد دل دليل التمانع على أن خالق العالم واحد لا رب غيره ولا اله سواه فذلك تمانع في الفعل والايجاد وهذا تمانع في العبادة والإلهية فكما يستحيل أن يكون العالم ربان خالقان متكافئان كذلك يستحيل أن يكون لهم الهان معبودان فالعلم بأن وجود العالم عن صانعين متماثلين ممتنع لذاته مستقر في الفطر معلوم بصريح العقل بطلانه فكذا تبطل الهية اثنين فالآية الكريمة موافقة لما ثبت واستقر في الفطر من توحيد الربوبية دالة مثبتة مستلزمة لتوحيد الإلهية وقريب من معنى هذه الآية قوله تعالى * (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) * وقد ظن طوائف أن هذا دليل التمانع الذي تقدم ذكره وهو أنه لو كان للعالم صانعان الخ وغفلوا عن مضمون الآية فإنه سبحانه أخبر أنه لو كان فيهما آلهة غيره ولم يقل أرباب
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»