وافقهم من الصوفية هو الغاية في التوحيد داخلا في التوحيد الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب فليعلم أن دلائله متعددة كدلائل اثبات الصانع ودلائل صدق الرسول فان العلم كلما كان الناس اليه أحوج كانت أدلته أظهر رحمة من الله بخلقه والقرآن قد ضرب الله للناس فيه من كل مثل وهى المقاييس العقلية المفيدة للمطالب الدينية لكن القرآن يبين الحق في الحكم والدليل فماذا بعد الحق إلا الضلال وما كان من المقدمات معلومة ضرورية متفقا عليها استدل بها ولم يحتج إلى الاستدلال عليها والطريقة الفصيحة في البيان أن تحذف وهى طريقة القرآن بخلاف ما يدعيه الجهال الذين يظنون أن القرآن ليس فيه طريقة برهانية بخلاف ما قد يشتبه ويقع فيه نزاع فإنه يبينه ويدل عليه ولما كان الشرك في الربوبية معلوم الامتناع عند الناس كلهم باعتبار اثبات خالقين متماثلين في الصفات والافعال وانما ذهب بعض المشركين إلى أن ثم خالقا خلق بعض العالم كما يقوله الثنوية في الظلمة وكما يقوله القدرية في أفعال الحيوان وكما يقوله الفلاسفة الدهرية في حركة الأفلاك أو حركات النفوس أو الأجسام الطبيعية فان هؤلاء يثبتون أمورا محدثة بدون احداث الله إياها فهم مشركون في بعض الربوبية وكثير من مشركي العرب وغيرهم قد يظن في آلهته شيئا من نقع أو ضر بدون أن يخلق الله ذلك فلما كان هذا الشرك في الربوبية موجودا في الناس بين القرآن بطلانه كما في قوله تعالى * (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) * فتأمل هذا البرهان الباهر بهذا اللفظ الوجيز الظاهر فان الاله الحق لا بد أن يكون خالقا فاعلا يوصل إلى عابده النفع ويدفع عنه الضر فلو
(٨٥)