شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٨٢
إبراهيم وقال صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ولا يقال إن معناه يولد ساذجا لا يعرف توحيدا ولا شركا كما قال بعضهم لما تلونا ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن ربه عز وجل خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين الحديث وفى الحديث المتقدم ما يدل على ذلك حيث قال يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ولم يقل يسلمانه وفى رواية يولد على الملة وفى أخرى على هذه الملة وهذا الذي أخبر به صلى الله عليه وسلم هو الذي تشهد الأدلة العقلية بصدقة منها أن يقال لا ريب أن الانسان قد يحصل له من الاعتقادات والإرادات ما يكون حقا وتارة ما يكون باطلا وهو حساس متحرك بالارادات ولا بد له من أحدهما ولا بد له من مرجح لأحدهما ونعلم أنه إذا عرض على كل أحد أن يصدق وينتفع وأن يكذب ويتضرر مال بفطرته إلى أن يصدق وينتفع وحينئذ فالاعتراف بوجود الصانع الايمان به هو الحق أو نقيضه والثاني فاسد قطعا فتعين الأول فوجب أن يكون في الفطرة ما يقتضى معرفة الصانع والايمان به وبعد ذلك اما ان يكون في فطرته محبته أنفع للعبد أو لا والثاني فاسد قطعا فوجب أن يكون في فطرته محبة ما ينفعه ومنها أنه مفطور على جلب المنافع ودفع المضار بحسه وحينئذ لم تكن فطرة كل واحد مستقلة بتحصيل ذلك بل يحتاج إلى سبب معين للفطرة كالتعليم ونحوه فإذا وجد الشرط وانتفى المانع استجابت لما فيها من المقتضى لذلك
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»