شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٧٩
منهما والعاجز لا يكون الها وإذا حصل مراد أحدهما دون الاخر كان هذا هو الاله القادر والاخر عاجزا لا يصلح للالهية وتمام الكلام على هذا الأصل معروف في موضعه وكثير من أهل النظر يزعمون أن دليل التمانع هو معنى قوله تعالى * (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) * لاعتقادهم ان توحيد الربوبية الذي قرروه هو توحيد الإلهية الذي بينته القرآن ودعت اليه الرسل عليهم السلام وليس الامر كذلك بل التوحيد الذي دعت اليه الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية المتضمن توحيد الربوبية وهو عبادة الله وحده لا شريك له فان المشركين من العرب كانوا يقرون بتوحيد الربوبية وأن خالق السماوات والأرض واحد كما اخبر تعالى عنهم بقوله * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) * * (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون) * ومثل هذا كثير في القرآن ولم يكونوا يعتقدون في الأصنام أنها مشاركة لله في خلق العالم بل كان حالهم فيها كحال أمثالهم من مشركي الأمم من الهند والترك والبربر وغيرهم تارة يعتقدون أن هذه تماثيل قوم صالحين من الأنبياء والصالحين ويتخذونهم شفعاء ويتوسلون بهم إلى الله وهذا كان أصل شرك العرب قال تعالى حكاية عن قوم نوح * (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) * وقد ثبت في صحيح البخاري وكتب التفسير وقصص الأنبياء وغيرها عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من السلف أن هذه أسماء قوم صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم وان هذه الأصنام
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»