شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٧٨
النور والظلمة وأن العالم صدر عنهما متفقون على أن النور خير من الظلمة وهو الاله المحمود وأن الظلمة شريرة مذمومة وهم متنازعون في الظلمة هل هي قديمة أو محدثة فلم يثبتوا ربين متماثلين وأما النصارى القائلون بالتثليث فإنهم لم يثبتوا للعالم ثلاثة أرباب ينفصل بعضهم عن بعض بل متفقون على أن صانع العالم واحد ويقولون باسم الابن والأب وروح القدس اله واحد وقولهم في التثليث متناقض في نفسه وقولهم في الحلول أفسد منه ولهذا كانوا مضطربين في فهمه وفى التعبير عنه الا يكاد واحد منهم يعبر عنه بمعنى معقول ولا يكاد اثنان يتفقان على معنى واحد فإنهم يقولون هو واحد بالذات ثلاثة بالأقنوم والأقانيم يفسرونها تارة بالخواص وتارة بالصفات وتارة بالاشخاص وقد فطر الله العباد على فساد هذه الأقوال بعد التصور التام وبالجملة فهم لا يقولون باثبات خالقين متماثلين والمقصود هنا أنه ليس في الطوائف من يثبت للعالم صانعين متماثلين مع أن كثيرا من أهل الكلام والنظر والفلسفة تعبوا في اثبات هذا المطلوب وتقريره ومنهم من اعترف بالعجز عن تقرير هذا بالعقل وزعم أنه يتلقى من السمع والمشهور عند أهل النظر اثباته بدليل التمانع وهو أنه لو كان للعالم صانعان فعند اختلافهما مثل أن يريد أحدهما تحريك جسم وآخر تسكينه أو يريد أحدهما احياءه والآخر اماتته فإما أن يحصل مرادهما أو مراد أحدهما أو لا يحصل مراد واحد منهما والأول ممتنع لأنه يستلزم الجمع بين الضدين والثالث ممتنع لأنه يلزم خلو الجسم عن الحركة والسكون وهو ممتنع ويستلزم أيضا عجز كل
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»