شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٨٩
كلامه الذي تكلم به وقام بذاته وأهل السنة انما سئلوا عن هذا والا فكونه مكذوبا مفترى مما لا ينازع مسلم في بطلانه ولا شك أن مشايخ المعتزلة وغيرهم من أهل البدع معترفون بأن اعتقادهم في التوحيد والصفات والقدر لم يتلقوه لا عن كتاب ولا سنة ولا عن أئمة الصحابة والتابعين لهم باحسان وانما يزعمون أن عقلهم دلهم عليه وانما يزعمون أنهم تلقوا من الأئمة الشرائع ولو ترك الناس على فطرهم السليمة وعقولهم المستقيمة لم يكن بينهم نزال ولكن ألقى الشيطان إلى بعض الناس أغلوطة من أغاليطه فرق بها بينهم * (وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد) * والذي يدل عليه كلام الطحاوي رحمه الله أنه تعالى لم يزل متكلما إذا شاء كيف شاء وأن نوع كلامه قديم وكذلك ظاهر كلام الامام أبي حنيفة رضي الله عنه في الفقه الأكبر فإنه قال والقرآن في المصاحف مكتوب وفي القلوب محفوظ وعلى الألسن مقروء وعلى النبي صلى الله عليه وسلم منزل ولفظنا بالقرآن مخلوق والقرآن غير مخلوق وما ذكر الله في القرآن عن موسى عليه السلام وغيره وعن فرعون وإبليس فان ذلك كلام الله إخبارا عنهم وكلام موسى وغيره من المخلوقين مخلوق والقرآن كلام الله لا كلامهم وسمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى فلما كلم موسى كلمه بكلامه الذي هو من صفاته لم يزل وصفاته كلها خلاف صفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا ويقدر لا كقدرتنا ويرى لا كرؤيتنا ويتكلم لا ككلامنا انتهى فقوله ولما كلم موسى كلمه بكلامه الذي هو من صفاته يعلم منه أنه حين جاء كلمه لا أنه لم يزل ولا يزال أزلا وأبدا يقول يا موسى
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»