شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٩٤
منشور * (لوح محفوظ) * * (وكتاب مبين) * لأن العامل في الظرف إما أن يكون من الافعال العامة مثل الكون والاستقرار والحصول ونحو ذلك أو يقدر مكتوب في كتاب أو في رق والكتاب تارة يذكر ويراد به محل الكتابة وتارة يذكر ويراد به الكلام المكتوب ويجب التفريق بين كتابة الكلام في الكتاب وكتابة الأعيان الموجودة في الخارج فيه فإن تلك إنما يكتب ذكرها وكلما تدبر الانسان هذا المعنى وضح له الفرق وحقيقة كلام الله تعالى الخارجية هو ما يسمع منه أو من المبلغ عنه فإذا سمعه السامع علمه وحفظه فكلام الله مسموع له معلوم محفوظ فإذا قاله السامع فهو مقروء له متلو فإن كتبه فهو مكتوب له مرسوم وهو حقيقة في هذه الوجوه كلها لا يصح نفيه والمجاز يصح نفيه فلا يجوز أن يقال ليس في المصحف كلام الله ولا ما قرأ القارئ كلام الله وقد قال تعالى * (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) * وهو لا يسمع كلام الله من الله وإنما يسمعه من مبلغه عن الله والآية تدل على فساد قول من قال إن المسموع عبارة عن كلام الله وليس هو كلام الله فإنه تعالى قال * (حتى يسمع كلام الله) * ولم يقل حتى يسمع ما هو عبارة عن كلام الله والأصل الحقيقة ومن قال إن المكتوب في المصاحف عبارة عن كلام الله أو حكاية كلام الله وليس فيها كلام الله فقد خالف الكتاب والسنة وسلف الأمة وكفى بذلك ضلالا وكلام الطحاوي رحمه الله يرد قول من قال إنه معنى واحد لا يتصور سماعه منه وأن المسموع المنزل المقروء والمكتوب ليس كلام الله وإنما هو عبارة عنه فإن الطحاوي رحمه الله يقول كلام الله منه بدا وكذلك قال غيره من السلف ويقولون منه بدا وإليه يعود وإنما
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»