شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٩١
ولا عقل قائل متكلم لا يقوم به القول والكلام وإن زعموا أنهم فروا من ذلك حذرا من التشبيه فلا يثبتوا صفة غيره فإنهم إذا قالوا يعلم لا كعلمنا قلنا ويتكلم لا كتكلمنا وكذلك سائر الصفات وهل يعقل قادر لا تقوم به القدرة أو حي لا تقوم به الحياة وقد قال صلى الله عليه وسلم أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر فهل يقول عاقل إنه صلى الله عليه وسلم عاذ بمخلوق بل هذا كقوله أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وكقوله أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر وكقوله وأعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا كل هذه من صفات الله تعالى وهذه المعاني مبسوطة في مواضعها وإنما أشير إليها هنا إشارة وكثير من متأخري الحنفية على أنه معنى واحد والتعدد والتكثر والتجزؤ والتبعض حاصل في الدلالات لا في المدلول وهذه العبارات مخلوقة وسميت كلام الله لدلالتها عليه وتأديه بها فإن عبر بالعربية فهو قرآن وإن عبر بالعبرانية فهو توراة فاختلفت العبارات لا الكلام قالوا وتسمى هذه العبارات كلام الله مجازا وهذا الكلام فاسد فإن لازمه أن معنى قوله * (ولا تقربوا الزنى) * هو معنى قوله * (وأقيموا الصلاة) * ومعنى آية الكرسي هو معنى آية الدين ومعنى سورة الاخلاص هو معنى
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»