شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٩٠
كما يفهم ذلك من قوله تعالى * (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه) * ففهم منه الرد على من يقول من أصحابه أنه معنى واحد قائم بالنفس لا يتصور أن يسمع وإنما يخلق الله الصوت في الهواء كما قال أبو منصور الماتريدي وغيره وقوله الذي هو من صفاته لم يزل رد على من يقول إنه حدث له وصف الكلام بعد أن لم يكن متكلما وبالجملة فكل ما تحتج به المعتزلة مما يدل على أنه كلام متعلق بمشيئته وقدرته وأنه يتكلم إذا شاء وأنه يتكلم شيئا بعد شيء فهو حق يجب قبوله وما يقوله من يقول إن كلام الله قائم بذاته وأنه صفة له والصفة لا تقوم الا بالموصوف فهو حق يجب قبوله والقول به فيجب الأخذ بما في قول كل من الطائفتين من الصواب والعدول عما يرده الشرع والعقل من قول كل منهما فإذا قالوا لنا فهذا يلزم أن تكون الحوادث قامت به قلنا هذا القول مجمل ومن أنكر قبلكم قيام الحوادث بهذا المعنى به تعالى من الأئمة ونصوص القرآن والسنة تتضمن ذلك ونصوص الأئمة أيضا مع صريح العقل ولا شك أن الرسل الذين خاطبوا الناس وأخبروهم أن الله قال ونادى وناجى ويقول لم يفهموهم أن هذه مخلوقات منفصلة عنه بل الذي أفهموهم إياه أن الله نفسه هو الذي تكلم والكلام قائم به لا بغيره وأنه هو الذي تكلم به وقاله كما قالت عائشة رضي الله عنها في حديث الافك ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بوحي يتلى ولو كان المراد من ذلك كله خلاف مفهومه لوجب بيانه إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ولا يعرف في لغة
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»