شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٩٣
والقرآن في الأصل مصدر فتارة يذكر ويراد به القراءة قال تعالى * (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) * وقال صلى الله عليه وسلم زينوا القرآن بأصواتكم وتارة يذكر ويراد به المقروء قال تعالى * (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) * وقال تعالى * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) * وقال صلى الله عليه وسلم إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على كل من المعنيين المذكورين فالحقائق لها وجود عيني وذهني ولفظي ورسمي ولكن الأعيان تعلم ثم تذكر ثم تكتب فكتابتها في المصحف هي المرتبة الرابعة وأما الكلام فإنه ليس بينه وبين المصحف واسطة بل هو الذي يكتب بلا واسطة ولا لسان والفرق بين كونه في زبر الأولين وبين كونه في رق منشور أو لوح محفوظ أو في كتاب مكنون واضح فقوله عن القرآن * (وإنه لفي زبر الأولين) * اي ذكره ووصفه والاخبار عنه كما أن محمدا مكتوب عندهم إذ القرآن أنزله الله على محمد لم ينزله على غيره أصلا ولهذا قال في الزبر ولم يقل في الصحف ولا في الرق لأن الزبر جمع زبور والزبر هو الكتابة والجمع فقوله * (وإنه لفي زبر الأولين) * أي مزبور الأولين ففي نفس اللفظ واشتقاقه ما يبين المعنى المراد ويبين كمال بيان القرآن وخلوصه من اللبس وهذا مثل قوله * (الذي يجدونه مكتوبا عندهم) * اي ذكره بخلاف قوله * (في رق) *
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»