القول والكلام وما تصرف منهما من فعل ماض ومضارع وأمر واسم فاعل إنما يعرف في القرآن والسنة وسائر كلام العرب إذا كان لفظا ومعنى ولم يكن في مسمى الكلام نزاع بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وإنما حصل النزال بين المتأخرين من علماء أهل البدع ثم انتشر ولا ريب أن مسمى الكلام والقول ونحوهما ليس هو مما يحتاج فيه إلى قول شاعر فإن هذا مما تكلم به الأولون والآخرون من أهل اللغة وعرفوا معناه كما عرفوا مسمى الرأس واليد والرجل ونحو ذلك ولا شك أن من قال إن كلام الله معنى واحد قائم بنفسه تعالى وأن المتلو المحفوظ المكتوب المسموع من القارئ حكاية كلام الله وهو مخلوق فقد قال بخلق القرآن وهو لا يشعر فإن الله يقول * (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله) * أفتراه سبحانه وتعالى يشير إلى ما في نفسه أو إلى المتلو المسموع ولا شك ان الإشارة إنما هي إلى هذا المتلو المسموع إذ ما في ذات الله غير مشار إليه ولا منزل ولا متلو ولا مسموع وقوله * (لا يأتون بمثله) * افتراه سبحانه يقول لا يأتون بمثل ما في نفسي مما لم يسمعوه ولم يعرفوه وما في نفس الله عز وجل لا حيلة إلى الوصول إليه ولا إلى الوقوف عليه فإن قالوا انما أشار إلى حكاية ما في نفسه وعبارته وهو المتلو المكتوب المسموع فأما أن يشير إلى ذاته فلا فهذا صريح القول بأن القرآن مخلوق بل هم في ذلك أكفر من المعتزلة فإن حكاية الشيء بمثله وشبهه وهذا تصريح بأن صفات الله محكية ولو كانت هذه التلاوة حكاية لكان الناس قد اتوا بمثل كلام الله فأين عجزهم
(٢٠٠)