شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٨٦
أفعال العباد حتما ولم يدخل في العموم الخالق تعالى وصفاته ليست غيره لأنه سبحانه وتعالى هو الموصوف بصفات الكمال وصفاته ملازمة لذاته المقدسة لا يتصور انفصال صفاته عنه كما تقدم الإشارة إلى هذا المعنى عند قوله ما زال قديما بصفاته قبل خلقه بل نفس ما استدلوا به يدل عليهم فإذا كان قوله تعالى * (الله خالق كل شيء) * مخلوقا لا يصح أن يكون دليل وأما استدلالهم بقوله تعالى * (إنا جعلناه قرآنا عربيا) * فما أفسده من استدلال فان جعل إذا كان بمعنى خلق يتعدى مفعول واحد كقوله تعالى * (وجعل الظلمات والنور) * وقوله تعالى * (وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) * * (وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون) * * (وجعلنا السماء سقفا محفوظا) * وإذا تعدى إلى مفعولين لم يكن بمعنى خلق قال تعالى * (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا) * وقال تعالى * (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) * وقال تعالى * (الذين جعلوا القرآن عضين) * وقال تعالى * (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك) * وقال تعالى * (ولا تجعل مع الله إلها آخر) * وقال تعالى * (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) * ونظائره كثيرة فكذا قوله تعالى * (إنا جعلناه قرآنا عربيا) * وما أفسد استدلالهم بقوله تعالى * (نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة) * على أن الكلام خلقه الله تعالى في الشجرة فسمعه موسى منها وعموا عما قبل هذه الكلمة وما بعدها فإن الله تعالى قال * (فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن) *
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»