شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٨٧
والنداء هو الكلام من بعد فسمع موسى عليه السلام النداء من حافة الوادي ثم قال * (في البقعة المباركة من الشجرة) * أي أن النداء كان في البقعة المباركة من عند الشجرة كما يقول سمعت كلام زيد من البيت يكون من البيت لابتداء الغاية لا أن البيت هو المتكلم ولو كان الكلام مخلوقا في الشجرة لكانت الشجرة هي القائلة * (يا موسى إني أنا الله رب العالمين) * وهل قال * (إني أنا الله رب العالمين) * غير رب العالمين ولو كان هذا الكلام بدا من غير الله لكان قول فرعون * (أنا ربكم الأعلى) * صدقا إذ كل من الكلامين عندهم مخلوق قد قاله غير الله وقد فرقوا بين الكلامين على أصولهم الفاسدة أن ذاك كلام خلقه الله في الشجرة وهذا كلام خلقه فرعون فحرفوا وبدلوا واعتقدوا خالقا غير الله وسيأتي الكلام على مسألة أفعال العباد إن شاء الله تعالى فإن قيل فقد قال تعالى * (إنه لقول رسول كريم) * وهذا يدل على أن الرسول أحدثه إما جبرائيل أو محمد قيل ذكر الرسول معرف أنه مبلغ عن مرسله لأنه لم يقل إنه قول ملك أو نبي فعلم أنه بلغه عمن أرسله به لا أنه أنشأ من جهة نفسه وأيضا فالرسول في إحدى الآيتين جبرائيل وفي الأخرى محمد فإضافته إلى كل منهما تبين أن الإضافة للتبليغ إذ لو أحدثه أحدهما امتنع أن يحدثه وأيضا فقوله رسول أمين دليل على أنه لا
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»