يزيد في اكلام الذي أرسل بتبليغه ولا ينقص منه بل هو أمين على ما أرسل به يبلغه عن مرسله وأيضا فإن الله قد كفر من جعله قول البشر ومحمد صلى الله عليه وسلم بشر فمن جعله قول محمد بمعنى أنه أنشأه فقد كفر ولا فرق بين أن يقول إنه قول بشر أو جني أو ملك والكلام كلام من قاله مبتدئا لا من قاله مبلغا ومن سمع قائلا يقول * قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل * قال هذا شعر امرئ القيس ومن سمعه يقول إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى قال هذا كلام الرسول وان سمعه يقول * (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين) * قال هذا كلام الله ان كان عنده خبر ذلك والا قال لا أدري كلام من هذا ولو أنكر عليه أحد ذلك لكذب ولهذا من سمع من غيره نظما أو نثرا يقول له هذا كلام من هذا كلامك أو كلام غيرك وبالجملة فأهل السنة كلهم من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم من السلف والخلف متفقون على أن كلام الله غير مخلوق ولكن بعد ذلك تنازك المتأخرون في أن كلام الله هل هو معنى واحد قائم بالذات أو أنه حروف وأصوات تكلم الله بها بعد أن لم يكن متكلما أو أنه لم يزل متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء وأن نوع الكلام قديم وقد يطلق بعض المعتزلة على القرآن أنه غير مخلوق ومرادهم أنه غير مختلق مفترى مكذوب بل هو حق وصدق ولا ريب أن هذا المعنى منتف باتفاق المسلمين والنزاع بين أهل القبلة انما هو في كونه مخلوقا خلقه الله أو هو
(١٨٨)