وكيف يصح أن يكون متكلما بكلام يقوم بغيره ولو صح ذلك للزم أن يكون ما أحدثه من الكلام في الجمادات كلامه وكذلك أيضا ما خلقه في الحيوانات ولا يفرق حينئذ بين نطق وأنطق وإنما قالت الجلود * (أنطقنا الله) * ولم تقل نطق الله بل يلزم ان يكون متكلما بكل كلام خلقه في غيره زورا كان أو كذبا أو كفرا أو هذيانا تعالى الله عن ذلك وقد طرد ذلك الاتحادية فقال ابن عربي * وكل كلام في الوجود كلامه * سواء علينا نثره ونظامه * ولو صح ان يوصف أحد بصفة قامت بغيره لصح أن يقال للبصير أعمى وللأعمى بصيرلأن البصير قد قام وصف العمى بغيره والأعمى قد قام وصف البصر بغيره ولصح أن يوصف الله تعالى بالصفات التي خلقها في غيره من الألوان والروائح والطعوم والطول والقصر ونحو ذلك وبمثل ذلك ألزم الامام عبد العزيز المكي بشرا المريسي بين يدي المأمون بعد أن تكلم معه ملتزما أن لا يخرج عن نص التنزيل وألزمه الحجة فقال بشر يا أمير المؤمنين ليدع مطالبتي بنص التنزيل ويناظرني بغيره فإن لم يدع قوله ويرجع عنه ويقر بخلق القرآن الساعة وإلا فدمي حلال قال عبد العزيز تسألني أم أسألك فقال بشر اسأل أنت وطمع في فقلت له يلزمك واحدة من ثلاث لا بد منها إما أن تقول ان الله خلق القرآن وهو عندي انا كلامه في
(١٨٤)