شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٨٥
نفسه أو خلقه قائما بذاته ونفسه أو خلقه في غيره قال أقول خلقه كما خلق الأشياء كلها وحاد عن الجواب فقال المأمون اشرح أنت هذه المسألة ودع بشرا فقد انقطع فقال عبد العزيز أن قال خلق كلامه في نفسه فهذا محال لان الله لا يكون محلا للحوادث المخلوقة ولا يكون فيه شيء مخلوق وان قال خلقه في غيره فيلزم في النظر والقياس أن كل كلام خلقه الله في غيره فهو كلام فهو محال أيضا لأنه يلزم قائله أن يجعل كل كلام خلقه الله في غيره هو كلام الله وان قال خلقه قائما بنفسه وذاته فهذا محال لا يكون الكلام الا من متكلم كما لا تكون الإرادة الا من مريد ولا العلم الا من عالم ولا يعقل كلام قائم بنفسه يتكلم بذاته فلما استحال من هذه الجهات أن يكون مخلوقا علم أنه صفة لله هذا مختصر من كلام الامام عبد العزيز في الحيدة وعموم كل في كل موضع بحسبه ويعرف ذلك بالقرائن ألا ترى إلى قوله تعالى * (تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم) * ومساكنهم شيء ولم تدخل في عموم كل شيء دمرته الريح وذلك لان المراد تدمر كل شيء يقبل التدمير بالريح عادة وما يستحق التدمير وكذا قوله تعالى حكاية عن بلقيس * (وأوتيت من كل شيء) * المراد من كل شيء يحتاج اليه الملوك وهذا القيد يفهم من قرائن الكلام إذ مراد الهدهد أنها ملكة كاملة في أمر الملك غير محتاجة إلى ما يكمل به أمر ملكها ولهذا نظائر كثيرة والمراد من قوله تعالى * (خالق كل شيء) * أي كل شيء مخلوق وكل موجود سوى الله فهو مخلوق فدخل في هذا العموم
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»