شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٩٩
فمخلوق فإفهام المعنى القديم بالنظم المخلوق يشبه امتزاج اللاهوت بالناسوت الذي قالته النصارى في عيسى عليه السلام فانظر إلى هذا الشبه ما أعجبه ويرد قول من قال بأن الكلام هو المعنى القائم بالنفس قوله صلى الله عليه وسلم إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس وقال إن الله يحدث من امره ما يشاء وإنما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة واتفق العلماء على أن المصلي إذا تكلم في الصلاة عامدا لغير مصلحتها بطلت صلاته واتفقوا كلهم على أن ما يقوم بالقلب من تصديق بأمور دنيوية وطلب لا يبطل الصلاة وإنما يبطلها التكلم بذلك فعلم اتفاق المسلمين على أن هذا ليس بكلام وأيضا ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله تجاوز لامتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به فقد أخبر أن الله عفا عن حديث النفس الا أن تتكلم ففرق بين حديث النفس وبين الكلام واخبر أنه لا يؤاخذ به حتى يتكلم به والمراد حتى ينطق به اللسان باتفاق العلماء فعلم أن هذا هو الكلام في اللغة لأن الشارع إنما خاطبنا بلغة العرب وأيضا ففي السنن أن معاذا رضي الله عنه قال يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم فبين أن الكلام إنما هو باللسان فلفظ
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»