إنما تثبت إباحتها موقتة بثلاثة أيام ومعنى أحرمهن أحكم بحرمتهن وأعتقد ذلك لقيام الدليل كما يقال حرم المثلث الشافعي رضي الله تعالى عنه وأباحه أبو حنيفة رحمه الله تعالى ومنها أنه جعل الخلافة شورى بين ستة مع الإجماع على أنه لا يجوز نصب خليفتين لما فيه من إثارة الفتنة والجواب أن ذلك حيث يكون كل منهما مستقلا بالخلافة فإما بطريق المشاورة وعدم انفراد البعض بالرأي فلا لأن ذلك بمنزلة نصب إمام واحد كامل الرأي وقد يقال أن معنى جعل الإمامة شورى أن يتشاوروا فينصبوا واحدا منهم ولا يتجاوزهم الإمامة ولا يعبأ بتعيين غيرهم وحينئذ لا إشكال ومن نظر بعين الإنصاف وسمع ما اشتهر من عمر في الأطراف علم جلالة محله عما تدعيه الأعداء وبراءة ساحته عما يفتريه أهل البدع والأهواء وجزم بأنه كان الغاية في العدل والسداد والاستقامة على سبيل الرشاد وأنه لو كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نبي لكان عمر ولو يبعث فينا نبيا لبعث عمر ولكن لا دواء لداء العناد ومن يضلل الله فما له من هاد قال وولى عثمان من مطاعنهم في عثمان رضي الله عنه أنه ولى أمور المسلمين من ظهر منهم الفسق والفساد كالوليد بن عتبة وعبد الله بن أبي سرح ومروان بن الحكم ومعاوية بن أبي سفيان ومن يجري مجراهم وأنه صرف أموال بيت المال إلى أقاربه حتى نقل أنه صرف إلى أربعة نفر منهم أربعمائة ألف درهم وأنه حمى لنفسه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا حمى إلا لله ولرسوله وعمر إنما حمى لإبل المسلمين العاجزين ولنحو نعم الصدقة والجزية والضوال لا لنفسه وأنه أحرق مصحف بن مسعود وضربه حتى كسر ضلعين من أضلاعه وضرب عمارا حتى أصابه فتق وضرب أبا ذر ونفاه إلى الربذة وأنه رد الحكم بن العاص وقد سيره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أسقط القود عن عبد الله بن عمر وقد قتل الهرمزان والحد عن الوليد بن عتبة وقد شرب الخمر وأن الصحابة خذلوه حتى قتل ولم يدفن إلا بعد ثلاثة أيام والجواب أن بعض هذه الأمور مما لا يقدح في إمامته كظهور الفسق والفساد من ولاة بعض البلاد إذ لا اطلاع له على السرائر وإنما عليه الأخذ بالظاهر والعزل عند تحقق الفسق ومعاوية كان على الشام في زمن عمر أيضا والمذهب أن الباغي ليس بفاسق ولو سلم فإنما ظهر ذلك في زمان إمامة علي رضي الله تعالى عنه وبعضها افتراء محض كصرف ذلك القدر من بيت المال إلى أقاربه وأخذ الحمى لنفسه وضرب الصحابة إلى الحد المذكور وبعضها اجتهاديات مفوضة إلى رأي الإمام حسب ما يراه من المصلحة كالتأديب والتعزير ودرء الحدود والقصاص بالشبهات والتأويلات وبعضها كان بإذن النبي صلى الله عليه وسلم كرد الحكم بن العاص على ما روي أنه ذكر ذلك لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقالا إنك شاهد واحد فلما آل الأمر إليه حكم بعلمه وأما حديث خذلان الصحابة إياه وتركهم دفنه من غير عذر فلو صح كان قدحا فيهم لا فيه ونحن لا نظن بالمهاجرين والأنصار رضي الله عنهم عموما وبعلي
(٢٩٥)