إلى ما كانت عليه ثم لما كانت سنة عشرين ومائتين كتب المأمون إلى عامله على المدينة فثم بن جعفر أن يرد فدك إلى أولاد فاطمة رضي الله تعالى عنها فدفعها إلى محمد بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ومحمد بن عبد الله ابن زيد بن الحسين بن زيد ليقوما بها لأهلهما وعد ذلك من تشيع المأمون فلما استخلف المتوكل ردها إلى ما كانت عليه ومنها أنه خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستخلاف حيث جعل عمر خليفة له والرسول عليه الصلاة والسلام مع أنه أعرف بالمصالح والمفاسد وأوفر شفقة على الأمة لم يستخلف أحدا بل عزل عمر بعد ما ولاه أمر الصدقات فاستخلافه وتوليته جميع أمور المسلمين مخالفة للرسول وترك لما وجب من اتباعه والجواب أنا لا نسلم انه لم يستخلف أحدا بل استخلف إجماعا أما عندنا فأبا بكر وأما عندكم فعليا ولا نسلم أنه عزل عمر بل انقضى توليته بانقضاء شغله كماإذا وليت أحدا عملا فأتمه فلم يبق عاملا فإنه ليس من العزل في شيء ولا نسلم أن مجرد فعل مالم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة له وترك لاتباعه وإنما يكون ذلك إذا فعل ما نهى عنه أو ترك ما أمر به ولا نسلم أن هذا قادح في استحقاق الإمامة ومنها أنه لم يكن عارفا بالأحكام حتى قطع يسار سارق من الكوع لا يمينه وقال لجدة سألته عن ارثها لا أجد لك شيئا في كتاب الله ولا سنة نبيه فأخبره المغيرة ومحمد بن سلمة أن الرسول عليه الصلاة والسلام أعطاها السدس وقال أعطوا الجدات السدس ولم تعرف الكلالة وهي من لا والد له ولا ولد وكل وارث ليس بوالد ولا ولد والجواب بعد التسليم أن هذا لا يقدح في الاجتهاد فكم مثله للمجتهدين ومنها أنه شك عند موته في استحقاقه الإمامة حيث قال وددت أني سألت رسول الله عن هذا الأمر فيمن هو وكنا لا ننازعه أهله والجواب أن هذا على تقدير صحته لا يدل على الشك بل على عدم النص وإن إمامته كانت بالبيعة والاختيار وأنه في طلب الحق بحيث يحاول أن لا يكتفى بذلك بل يريد اتباع النص خاصة ومنها أن عمر مع كونه وليه وناصره قال كانت بيعة أبي بكر فلتة وفي الله تعالى شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه يعني أنها كانت فجاءة لا عن تدبر وابتناء على أصل والجواب أن المعنى كانت فجاءة وبغتة وفي الله شر الخلاف الذي يكاد يظهر عندها فمن عاد إلى مثل تلك المخالفة الموجبة لتبديد الكلمة فاقتلوه وكيف يتصور منه القدح في إمامة أبي بكر مع ما علم من مبالغته في تعظيمه وفي انعقاد البيعة له ومن صيرورته خليفة باستخلافه فلهم حكايات تجري مجرى ذلك أكثرها افتراآت ومع ذلك فلها محامل وتأويلات ولا تعارض ما ثبت المفهوم من الحكايات وتواتر بين الجماعة من الموادات وما أقبح بناء المذهب على الترهات والأحاديث المفتريات قال وأمر عمر قدحوا في إمامة عمر بوجوه منها أنه لم يكن عارفا بالأحكام حتى أمر برجم امرأة حامل أقرت بالزنا ورجم امرأة مجنونة زنت فنهاه علي رضي الله تعالى عنه
(٢٩٣)