خرج على عثمان بعد اثنتي عشرة سنة من خلافته رعاع وأوباش من كل أوب وأرذال من خزاعة ليس فيهم أحد من كبار الصحابة وأهل العلم ومن يعتد به من أوساط الناس فقتلوه ظلما وعدوانا في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ولو استحق القتل أوالخلع لما ترك أكابر الصحابة ومن بقي من أهل الشورى ومن المبشرين بالجنة ذلك إلى جمع من الأوباش والأرذال ومن لا سابقة له في الإسلام ولا علم بشيء من أمور الدين ثم اجتمع الناس بعد ثلاثة أيام وقيل خمسة أيام على علي رضي الله تعالى عنه والتمسوا منه القيام بأمر الخلافة لكونه أولى الناس بذلك وأفضلهم في ذلك الزمان فقبله بعد امتناع كثير ومدافعة طويلة وبايعه جماعة ممن حضر كحزيمة بن ثابت وأبي الهيثم بن التيهاني ومحمد بن مسلم وعمار وأبي موسى الأشعري وعبد الله بن عباس وغيرهم وكذا طلحة والزبير وقد صحت توبتهما عن مخالفته وكذا بايعه عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة إلا أنهم استعفوا عن القتال مع أهل القبلة لما رووا في هذا المعنى من الأحاديث وبالجملة انعقدت خلافته بالبيعة واتفاق أهل الحل والعقد وقد دلت عليه أحاديث كقوله عليه السلام الخلافة بعدي ثلاثون سنة وقوله عليه السلام لعلي رضي الله تعالى عنه إنك تقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين وقوله عليه السلام لعمار تقتلك الفئة الباغية وقد قتل يوم صفين تحت راية علي رضي الله تعالى عنه ومن المتكلمين من يدعي الإجماع على خلافته لأنه انعقد لإجماع زمان الشورى على أن الخلافة لعثمان أو علي وهو إجماع على أنه لولا عثمان فهي لعلي فحين خرج عثمان من البين بالقتل بقي لعلي بالإجماع قال إمام الحرمين لا اكتراث بقول من قال لا إجماع على إمامة علي رضي الله تعالى عنه فإن الإمامة لم تجحد له وإنما هاجت الفتن لأمور أخر قال وأما الشيعة يعني أن الإمامة يزعمون أن الإمام الحق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثم ابنه الحسن ثم أخوه الحسين ثم ابنه علي زين العابدين ثم ابنه محمد الباقر ثم ابنه جعفر الصادق ثم ابنه موسى الكاظم ثم ابنه علي الرضا ثم ابنه محمد الجواد ثم ابنه علي الزكي ثم ابنه الحسن العسكري ثم ابنه محمد بن القائم المنتظر المهدي ويدعون أنه ثبت بالتواتر نص كل من السابقين على من بعده ويروون عن النبي أنه قال للحسن رضي الله عنه ابني هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم ويتمسكون تارة بأنه يجب في الإمام العصمة والأفضلية ولا يوجد أن فيمن سواهم والعاقل يتعجب من هذه الروايات والمتواترات التي لا أثر لها في القرون السابقة من أسلافهم ولا رواية عن العترة الطاهرة ومن يوثق بهم من الرواة والمحدثين وأنه كيف يأتي من زيد بن علي رضي الله عنه مع جلالة قدره دعوى الخلافة وكيف لم تبلغه هذه المتواترات بعد مائة وقد بلغت آحاد الروافض بعد سبعمائة ثم لسائر فرق الشيعة في باب الإمامة اختلافات
(٢٩٧)