والمهرة المتقين من المحدثين سيما على أولاده الطاهرين ولو سلم فغايته إثبات خلافته لا نفي خلافة الآخرين قال الخامس استدلال على إمامة علي رضي الله تعالى عنه بالقدح في إمامة الآخرين وتقريره أنه لا نزاع في وجود إمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم وغير علي من الجماعة الموسومين بذلك لا يصلح لذلك أما إجمالا فلظلمهم لسبق كفرهم لقوله تعالى * (والكافرون هم الظالمون) * والظالم لا يكون إماما لقوله تعالى * (لا ينال عهدي الظالمين) * والجواب منع المقدمتين ومنع دلالة الآية على كون من كان كافرا ثم أسلم ظالما ومنع كون المراد بالعهد هو الإمامة وإما تفصيلا فمما يقدح في إمامة أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه خالف كتاب الله تعالى في منع إرث النبي بخبر رواه وهو نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة وتخصيص الكتاب إنما يجوز بالخبر المتواتر دون الآحاد والجواب أن خبر الواحد وإن كان ظني المتن قد يكون قطعي الدلالة فيخصص به عام الكتاب لكونه ظني الدلالة وإن كان قطعي المتن جمعا بين الدليلين وتمام تحقيق ذلك في أصول الفقه على أن الخبرالمسموع من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يكن فوق المتواتر فلا خفاء في كونه بمنزلته فيجوز للسامع المجتهد أن يخصص به عام الكتاب ومنها أنه منع فاطمة رضي الله تعالى عنها فدك وهي قرية بخيبر مع أنها ادعت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحلها إياها ووهبها منها وشهد بذلك علي رضي الله تعالى عنه وأم أيمن فلم يصدقهم وصدق أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في ادعاء الحجرة لهن من غير شاهد ومثل هذا الجور والميل لا يليق بالإمام ولهذا رد عمر بن عبد العزيز من المروانية فدك إلى أولاد فاطمة رضي الله تعالى عنها والجواب أنه لو سلم صحة ما ذكر فليس على الحاكم أن يحكم بشهادة رجل وامرأة وأن فرض عصمة المدعي والشاهد وله الحكم بما علمه يقينا وإن لم يشهد به شاهد ولعمري أن قصة فدك على ما يرويه الروافض من أبين الشواهد على أنهماكهم في الضلالة وافترائهم على الصحابة وكونهم الغاية في الغواية والنهاية في الوقاحة حيث ظنوا بمثل أبي بكر وعمر أنهما أخذا حق سلالة النبوة ظلما لينتفع به الآخرون لا هما نفسهما ولا من يتصل بهما ويمثل علي رضي الله تعالى عنه أنه مع علمه بحقيقة الحال لم يدفع تلك الظلامة أيام خلافته ولسائر الأصحاب أنهم سكتوا على ذلك من غير تعرض ولا اعتراض والمذكور في كتب التواريخ أن فدك كانت على ما قرره أبو بكر رضي الله تعالى عنه إلى زمن معاوية ثم اقطعها مروان بن الحكم ووهبها مروان من ابنيه عبد العزيز وعبد الملك ثم لما ولى الوليد بن عبد الملك وهب عمر بن عبد العزيز نصيبه للوليد وكذا سليمان بن عبد الملك فصارت كلها للوليد ثم ردها عمر بن عبد العزيز أيام خلافته
(٢٩٢)