لا تحصى ذكر الإمام في المحصل نبذا منها قال المبحث السادس لما ذهب معظم أهل السنة وكثير من الفرق على أنه يتعين للإمامة أفضل أهل العصر إلا إذا كان في نصبه مرج وهيجان فتن احتاجوا إلى بحث الأفضلية فقال أهل السنة الأفضل أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وقد مال البعض منهم إلى تفضيل علي رضي الله عنه على عثمان والبعض إلى التوقف فيما بينهما قال إمام الحرمين مسئلة امتناع إمامة المفضول ليست بقطعية ثم لا قاطع شاهد من العقل على تفضيل بعض الأئمة على البعض والأخبار الواردة على فضايلهم متعارضة لكن الغالب على الظن أن أبا بكر أفضل ثم عمر ثم يتعارض الظنون في عثمان وعلي رضي الله عنهما وذهب الشيعة وجمهور المعتزلة إلى أن الأفضل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي رضي الله عنه لنا إجمالا أن جمهور عظماء الملة وعلماء الأمة أطبقوا على ذلك وحسن الظن بهم يقتضي بأنهم لو لم يعرفوه بدلائل وإمارات لما أطبقوا عليه وتفصيلا الكتاب والسنة والأثر والإمارات أما الكتاب فقوله تعالى * (وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى) * فالجمهور على أنها نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه والأتقى أكرم لقوله تعالى * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * ولا يعني بالأفضل إلا الأكرم وليس المراد به عليا لأن النبي صلى الله عليه وسلم عنده نعمة تجزى وهي نعمة التربية وأما السنة فقوله عليه السلام اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر دخل في الخطاب علي رضي الله عنه فيكون مأمورا بالاقتداء ولا يؤمر الأفضل ولا المساوي بالاقتداء سيما عند الشيعة وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر هما سيدا كهول أهل الجنة ما خلا النبيين والمرسلين وقوله عليه السلام خير أمتي أبو بكر ثم عمر وقوله عليه السلام ما ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يتقدم عليه عنده وقوله صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا دون ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن هو شريك في ديني وصاحبي الذي أوجبت له صحبتي في الغار وخليفتي في أمتي وقوله صلى الله عليه وسلم وأين مثل أبي بكر كذبني الناس وصدقني وآمن بي وزوجني ابنته وجهز لي بماله وآساني بنفسه وجاهد معي ساعة الخوف وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء حين كان يمشي أمام أبي بكر أتمشي أمام من هو خير منك والله ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أحد أفضل من أبي بكر ومثل هذا الكلام وإن كان ظاهره نفي أفضلية الغير لكن إنما يساق لإثبات أفضلية المذكور ولهذا أفاد أن أبا بكر أفضل من أبي الدرداء والسر في ذلك أن الغالب من حال كل اثنين هو التفاضل دون التساوي فإذا نفى أفضلية أحدهما لآخر ثبت أفضلية الآخر وبمثل هذا ينحل الإشكال المشهور على قوله صلى الله عليه وسلم
(٢٩٨)